السبب السابع : فإنك تجد من لا يشتغل برياسة ، وتكبر ، ولا طلب مال ، إذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله تعالى ، فيما أنعم الله به عليه يشق ذلك عليه وإذا وصف له اضطراب أمور الناس ، وإدبارهم ، وفوات مقاصدهم ، وتنغص عيشهم فرح به ، فهو أبدا يحب الإدبار لغيره ، ويبخل بنعمة الله على عباده ، كأنهم يأخذون ذلك من ملكه وخزانته ، ويقال : البخيل من يبخل بمال نفسه ، والشحيح هو الذي يبخل بمال غيره فهذا يبخل بنعمة الله تعالى على عباده الذين ليس بينه وبينهم عداوة ، ولا رابطة هذا ، ليس له سبب ظاهر إلا خبث في النفس ، ورذالة في الطبع ، عليه وقعت الجبلة ومعالجته شديدة ; لأن الحسد الثابت بسائر الأسباب أسبابه عارضة يتصور زوالها فيطمع في إزالتها وهذا خبث في الجبلة ، لا عن سبب عارض ، فتعسر إزالته ; إذ يستحيل في العادة إزالته . فهذه هي أسباب الحسد ، وقد يجتمع بعض هذه الأسباب ، أو أكثرها ، أو جميعها في شخص واحد ، فيعظم فيه الحسد بذلك ، ويقوى قوة لا يقدر معها على الإخفاء ، والمجاملة ، بل ينتهك حجاب المجاملة وتظهر العداوة بالمكاشفة . خبث النفس ، وشحها بالخير لعباد الله تعالى ;
وأكثر المحاسدات تجتمع فيها جملة من هذه الأسباب ، وقلما يتجرد سبب واحد منها .