وقال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبو هريرة ألا أريك الدنيا جميعها بما فيها فقلت بلى يا رسول الله ، فأخذ بيدي ، وأتى بي واديا من أودية المدينة ، فإذا مزبلة فيها رؤوس أناس ، وعذرات وخرق ، وعظام ، ثم قال : يا أبا هريرة هذه الرؤوس كانت تحرص كحرصكم ، وتأمل كأملكم ، ثم هي اليوم عظام بلا جلد ، ثم هي صائرة رمادا ، وهذه العذرات هي ألوان أطعمتهم ، اكتسبوها من حيث اكتسبوها ، ثم قذفوها في بطونهم ، فأصبحت والناس يتحامونها وهذه الخرق البالية كانت رياشهم ، ولباسهم ، فأصبحت والرياح تصفقها ، وهذه العظام عظام دوابهم التي كانوا ينتجعون عليها أطراف البلاد ، فمن كان باكيا على الدنيا فليبك ، قال : فما برحنا حتى اشتد بكاؤنا . أبا هريرة ،
ويروى أن الله عز وجل لما أهبط آدم إلى الأرض قال له ابن للخراب ، ولد للفناء .
وقال داود بن هلال مكتوب في صحف إبراهيم عليه السلام : إني قذفت في قلوبهم بغضك والصدود ، عنك ، وما خلقت خلقا أهون علي منك . كل شأنك صغير ، وإلى الفناء يصير . قضيت عليك يوم خلقتك أن لا تدومي لأحد ، ولا يدوم لك أحد ، وإن بخل بك صاحبك ، وشح عليك طوبى للأبرار الذين أطلعوني من قلوبهم على الرضا ، ومن ضميرهم على الصدق ، والاستقامة ، طوبى لهم ما لهم عندي من الجزاء إذا وفدوا إلي من قبورهم إلا النور يسعى أمامهم ، والملائكة حافون بهم حتى أبلغهم ما يرجون من رحمتي وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا دنيا ، ما أهونك على الأبرار الذين تصنعت ، وتزينت لهم . الدنيا موقوفة بين السماء والأرض منذ خلقها الله تعالى لم ينظر إليها ، وتقول يوم القيامة : يا رب ، اجعلني لأدنى أوليائك اليوم نصيبا ، فيقول : اسكتي يا لا شيء ، إني لم أرضك لهم في الدنيا أرضاك لهم اليوم .
وروي في أخبار آدم عليه السلام أنه لما أكل من الشجرة تحركت معدته لخروج الثفل ولم يكن ذلك مجعولا في شيء من أطعمة الجنة إلا في هذه الشجرة ، فلذلك نهيا عن أكلها ، قال : فجعل يدور في الجنة فأمر الله تعالى ملكا يخاطبه ، فقال له : قل له : أي شيء تريد ? قال آدم : أريد أن أضع ما في بطني من الأذى ، فقيل للملك : قل له : في أي مكان تريد أن تضعه أعلى الفرش ، أم على السرر ، أم على الأنهار ، أم تحت ظلال الأشجار ? هل ترى ههنا مكانا يصلح لذلك ؟ اهبط إلى الدنيا .