وروي أن عيسى عليه السلام اشتد عليه المطر والرعد والبرق يوما ، فجعل يطلب شيئا يلجأ إليه فوقعت عينه على خيمة من بعيد ، فأتاها ، فإذا فيها امرأة ، فحاد عنها فإذا هو بكهف في جبل فأتاه ، فإذا فيه أسد ، فوضع يده عليه ، وقال : إلهي جعلت لكل شيء مأوى ولم تجعل لي مأوى ، فأوحى الله تعالى إليه : مأواك في مستقر رحمتي ، لأزوجنك يوم القيامة مائة حوراء ، خلقتها بيدي ، ولأطعمن في عرسك أربعة آلاف عام ، يوم منها كعمر الدنيا ، ولآمرن مناديا ينادي : أين الزهاد في الدنيا ? زوروا عرس الزاهد في الدنيا عيسى ابن مريم وقال عيسى ابن مريم عليه السلام : ويثق بها وتخذله وويل ؟ للمغترين ! كيف أرتهم ما يكرهون ? وفارقهم ما يحبون ? وجاءهم ما يوعدون وويل ؟ لمن الدنيا همه ، والخطايا عمله كيف يفتضح غدا بذنبه وقيل : أوحى الله تعالى إلى ويل لصاحب الدنيا ! كيف يموت ويتركها وما فيها وتغره ? ويأمنها ؟ موسى عليه السلام : يا موسى مالك ، ولدار الظالمين ? إنها ليست لك بدار ، أخرج منها همك ، وفارقها بعقلك ; فبئست الدار هي ، إلا لعامل يعمل فيها ، فنعمت الدار هي يا موسى ، إني مرصد للظالم حتى آخذ منه للمظلوم وروي البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف ، فتعرضوا له ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ، ثم قال : أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء ، قالوا : أجل يا رسول الله ، قال : فأبشروا ، وأملوا ما يسركم ; فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى عليكم ، أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم ، كما أهلكتهم . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح فجاءه بمال من
وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو سعيد الخدري . إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض ، فقيل : ما بركات الأرض قال : زهرة الدنيا
وقال صلى الله عليه وسلم : لا تشغلوا قلوبكم بذكر الدنيا .
فنهى عن ذكرها ، فضلا عن إصابة عينها وقال عمار بن سعيد مر عيسى عليه السلام بقرية ، فإذا أهلها موتى في الأفنية والطرق ، فقال : يا معشر الحواريين ، إن هؤلاء ماتوا عن سخطة ، ولو ماتوا عن غير ذلك لتدافنوا فقالوا : يا روح الله ، وددنا أن لو علمنا خبرهم ، فسأل الله تعالى ، فأوحى إليه : إذا كان الليل فنادهم يجيبوك ، فلما كان الليل أشرف على نشز ثم نادى : يا أهل القرية ، فأجابه مجيب : لبيك يا روح الله ، فقال : ما حالكم ، وما قصتكم ، قال : بتنا في عافية ، وأصبحنا في الهاوية قال : وكيف ذاك ؟ قال بحبنا : الدنيا ، وطاعتنا أهل المعاصي ، قال : وكيف كان حبكم للدنيا ? قال : حب الصبي لأمه إذا أقبلت فرحنا بها ، وإذا أدبرت حزنا وبكينا ، عليها ، قال : فما بال أصحابك لم يجيبوني ? قال : لأنهم ملجمون بلجم من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد ، قال : فكيف أجبتني أنت من بينهم ? قال : لأني كنت فيهم ، ولم أكن منهم ، فلما نزل بهم العذاب أصابني معهم ، فأنا معلق على شفير جهنم لا أدري أنجوا منها أم أكبكب فيها ? فقال المسيح للحواريين : لأكل خبز الشعير بالملح الجريش ، ولبس المسوح والنوم على المزابل كثير مع عافية الدنيا والآخرة وقال كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تسبق فجاء أعرابي بناقة له فسبقها ، فشق ذلك على المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم : إنه حق على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه وقال أنس عيسى عليه السلام : من الذي يبني على موج البحر دارا ، تلكم الدنيا ، فلا .
تتخذوها قرارا وقيل لعيسى عليه السلام : علمنا علما واحدا يحبنا الله عليه ، قال أبغضوا : الدنيا يحبكم الله تعالى وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، ولهانت عليكم الدنيا ، ولآثرتم الآخرة ثم قال أبو الدرداء من قبل نفسه : لو تعلمون ما أعلم لخرجتم إلى الصعدات تجأرون وتبكون على أنفسكم ولتركتم أموالكم لا حارس لها ، ولا راجع إليها إلا ما لا بد لكم منه ، ولكن يغيب عن قلوبكم ذكر الآخرة ، وحضرها الأمل ، فصارت الدنيا أملك بأعمالكم ، وصرتم كالذين لا يعلمون ، فبعضكم شر من البهائم التي لا تدع هواها مخافة مما في عاقبته ما لكم لا تحابون ولا تناصحون وأنتم إخوان على دين الله ما فرق بين أهوائكم إلا خبث سرائركم ولو اجتمعتم على البر لتحاببتم ، ما لكم تناصحون في أمر الدنيا ، ولا تناصحون في أمر الآخرة ولا يملك أحدكم النصيحة لمن يحبه ، ويعينه على أمر آخرته ، ما هذا إلا من قلة الإيمان في قلوبكم ، لو كنتم توقنون بخير الآخرة وشرها ، كما توقنون بالدنيا لآثرتم طلب الآخرة ; لأنها أملك لأموركم ، فإن قلتم : حب العاجلة غالب ، فإنا نراكم تدعون العاجل من الدنيا للآجل منها تكدون أنفسكم بالمشقة والاحتراف في طلب أمر لعلكم لا تدركونه ; فبئس القوم أنتم ! ما حققتم إيمانكم بما يعرف به الإيمان البالغ فيكم ، فإن كنتم في شك مما جاء به أبو الدرداء محمد صلى الله عليه وسلم فائتونا لنبين لكم ، ولنريكم من النور ما تطمئن إليه قلوبكم ، والله ما أنتم بالمنقوصة عقولكم ، فنعذركم إنكم تستبينون صواب الرأي في دنياكم ، وتأخذون بالحزم في أموركم ، ما لكم تفرحون باليسير من الدنيا ; تصيبونه ، وتحزنون على اليسير منها يفوتكم ، حتى يتبين ذلك في وجوهكم ، ويظهر على ألسنتكم ، وتسمونها المصائب ، وتقيمون فيها المآتم وعامتكم قد تركوا كثيرا من دينهم ، ثم لا يتبين ذلك في وجوهكم ، ولا يتغير حالكم ، إني لأرى الله قد تبرأ منكم ، يلقى بعضكم بعضا بالسرور ، وكلكم يكره أن يستقبل صاحبه بما يكره مخافة أن يستقبله صاحبه بمثله فاصطحبتم على الغل ونبتت مراعيكم على الدمن وتصافيتم على رفض الأجل ، ولوددت أن الله تعالى أراحني منكم وألحقني بمن أحب رؤيته ولو كان حيا لم يصابركم فإن كان فيكم خير فقد أسمعتكم وإن تطلبوا ما عند الله تجدوه يسيرا وبالله أستعين على نفسي ، وعليكم .