وقال سفيان خذ من الدنيا لبدنك وخذ من الآخرة لقلبك .
وقال الحسن والله لقد عبدت بنو إسرائيل الأصنام بعد عبادتهم الرحمن بحبهم الدنيا .
وقال وهب قرأت في بعض الكتب الدنيا غنيمة الأكياس وغفلة الجهال ، لم يعرفوها حتى خرجوا منها فسألوا الرجعة فلم يرجعوا وقال لقمان لابنه يا بني ، إنك استدبرت الدنيا من يوم نزلتها واستقبلت الآخرة ، فأنت إلى دار تقرب منها أقرب من دار تباعد عنها وقال سعيد بن مسعود : إذا رأيت العبد تزداد دنياه ، وتنقص آخرته ، وهو به راض ، فذلك المغبون الذي يلعب بوجهه وهو لا يشعر وقال على المنبر : والله ما رأيت قوما قط أرغب فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهد فيه منكم ، والله ما مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث إلا والذي عليه أكثر من الذي له . عمرو بن العاص
وقال الحسن بعد أن تلا قوله تعالى : فلا تغرنكم الحياة الدنيا من قال ذا ? قاله من خلقها ومن هو أعلم بها ، إياكم وما شغل من الدنيا ، فإن وقال أيضا : مسكين ابن آدم ; رضي بدار حلالها حساب ، وحرامها عذاب ، إن أخذه من حله حوسب به ، وإن أخذه من حرام عذب به ابن آدم يستقل ماله ، ولا يستقل عمله ، يفرح بمصيبته في دينه ، ويجزع من مصيبته في دنياه ، وكتب الدنيا كثيرة الأشغال لا يفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب الحسن إلى سلام عليك ، أما بعد ، فكأنك بآخر من كتب عليه الموت قد مات ، فأجابه عمر : سلام عليك كأنك بالدنيا ولم تكن ، وكأنك بالآخرة لم تزل وقال الفضيل بن عياض الدخول في الدنيا هين ، ولكن الخروج منها شديد وقال بعضهم : عجبا لمن يعرف أن الموت حق كيف يفرح ? وعجبا لمن يعرف أن النار حق كيف يضحك ? وعجبا لمن رأى تقلب الدنيا بأهلها كيف يطمئن إليها ? وعجبا لمن يعلم أن القدر حق كيف ينصب ؟ وقدم على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه رجل من نجران عمره مائتا سنة ، فسأله عن الدنيا كيف وجدها ? فقال : سنيات بلاء ، وسنيات رخاء يوم فيوم ، وليلة فليلة ، يولد ولد ، ويهلك هالك ، فلولا المولود لباد الخلق ، ولولا الهالك ضاقت الدنيا بمن فيها فقال . له : سل ما شئت ، قال : عمر مضى ، فترده أو أجل حضر ، فتدفعه قال لا أملك ذلك ، قال : لا حاجة لي إليك وقال داود الطائي رحمه الله يا ابن آدم ، فرحت ببلوغ أملك ، وإنما بلغته بانقضاء أجلك ، ثم سوفت بعملك كان منفعته لغيرك وقال بشر من سأل الله الدنيا ، فإنما يسأله طول الوقوف بين يديه وقال أبو حازم ما في الدنيا شيء يسرك إلا وقد ألصق الله إليه شيئا يسوءك وقال الحسن لا تخرج نفس ابن آدم من الدنيا إلا بحسرات ثلاث أنه : لم يشبع مما جمع ولم يدرك ما أمل ولم يحسن الزاد لما يقدم عليه وقيل لبعض العباد : قد نلت الغنى ، فقال : إنما نال الغنى من عتق من رق الدنيا وقال أبو سليمان لا يصبر . معاوية
عن شهوات الدنيا إلا من كان في قلبه ما يشغله بالآخرة وقال اصطلحنا على حب الدنيا ، فلا يأمر بعضنا بعضا ، ولا ينهى بعضنا بعضا ، ولا يدعنا الله على هذا ، فليت شعري ، أي عذاب الله ينزل علينا وقال أبو حازم يسير الدنيا يشغل عن كثير الآخرة وقال الحسن أهينوا الدنيا فوالله ; ما هي لأحد بأهنأ منها لمن أهانها . مالك بن دينار
وقال أيضا : ، وإذا هان عليه عبد بسط له الدنيا بسطا وكان بعضهم يقول في دعائه يا ممسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنك أمسك الدنيا عني وقال محمد بن المنكدر أرأيت لو أن رجلا صام الدهر لا يفطر ، وقام الليل لا ينام وتصدق بماله ، وجاهد في سبيل الله ، واجتنب محارم الله ، غير أنه يؤتى به يوم القيامة ، فيقال : إن هذا عظم في عينه ما صغره الله ، وصغر في عينه ما عظمه الله ، كيف ترى يكون حاله ? فمن منا ليس هكذا ، الدنيا عظيمة عنده مع ما اقترفنا من الذنوب والخطايا وقال أبو حازم اشتدت مؤنة الدنيا والآخرة ، فأما مؤنة الآخرة ; فإنك لا تجد عليها أعوانا ، وأما مؤنة الدنيا ; فإنك لا تضرب بيدك إلى شيء منها إلا وجدت فاجرا قد سبقك إليه وقال إذا أراد الله بعبد خيرا أعطاه من الدنيا عطية ، ثم يمسك ، فإذا نفد أعاد عليه الدنيا موقوفة بين السماء والأرض كالشن البالي تنادي ربها منذ خلقها إلى يوم يفنيها : يا رب ، يا رب ، لم تبغضني؟ فيقول لها : اسكتي يا لا شيء وقال أبو هريرة حب الدنيا والذنوب في القلب قد احتوشته فمتى يصل الخير إليه وقال عبد الله بن المبارك من فرح قلبه بشيء من الدنيا ، فقد أخطأ الحكمة ، ومن جعل شهوته تحت قدميه فرق الشيطان من ظله ، ومن غلب علمه هواه ، فهو الغالب وقيل وهب بن منبه لبشر مات فلان ، فقال : جمع الدنيا ، وذهب إلى الآخرة ، ضيع نفسه ، قيل له : إنه كان يفعل ، ويفعل ، وذكروا أبوابا من البر ، فقال وما ينفع هذا ، وهو يجمع الدنيا .