مثال آخر للدنيا من حيث التغرير بخيالاتها ثم الإفلاس منها بعد إفلاتها .
تشبه خيالات المنام وأضغاث الأحلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدنيا حلم ، وأهلها عليها مجازون ، ومعاقبون وقال يونس بن عبيد ما شبهت نفسي في الدنيا إلا كرجل نام ، فرأى في منامه ما يكره وما يحب ، فبينما هو كذلك ; إذ انتبه فكذلك الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا ، فإذا ليس بأيديهم شيء مما ركنوا إليه ، وفرحوا به وقيل لبعض الحكماء أي شيء أشبه بالدنيا قال أحلام النائم .
مثال آخر للدنيا في عداوتها لأهلها ، وإهلاكها لبنيها اعلم أن والتوصل إلى الإهلاك آخرا ، وهي كامرأة تتزين للخطاب حتى إذا نكحتهم ذبحتهم وقد روي أن طبع الدنيا التلطف في الاستدراج أولا عيسى عليه السلام كوشف بالدنيا ، فرآها في صورة عجوز هتماء عليها من كل زينة ، فقال لها : كم تزوجت ? قالت : لا أحصيهم ، قال : فكلهم مات عنك أم ، كلهم طلقك ? قالت بل : كلهم قتلت ، فقال عيسى عليه السلام : بؤسا لأزواجك الباقين كيف لا ; يعتبرون بأزواجك الماضين كيف تهلكينهم واحدا بعد واحد ، ولا يكونون منك على حذر .