الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومثال آخر لتنعم الناس بالدنيا ، ثم تفجعهم على فراقها : اعلم أن مثل الناس فيما أعطوا من الدنيا مثل رجل هيأ دارا ، وزينها ، وهو يدعو إلى داره على الترتيب قوما واحدا بعد واحد فدخل واحد داره ، فقدم إليه طبق ذهب عليه بخور ، ورياحين ليشمه ، ويتركه لمن يلحقه لا ليتملكه ، ويأخذه ، فجهل رسمه وظن أنه قد وهب ذلك ، فتعلق به قلبه لما ظن أنه له ، فلما استرجع منه ضجر وتفجع ومن كان عالما برسمه انتفع به ، وشكره ، ورده بطيب قلب وانشراح صدر وكذلك ، من عرف سنة الله في الدنيا علم أنها دار ضيافة سبلت على المجتازين لا على المقيمين ليتزودوا منها ، وينتفعوا بما فيها كما ينتفع المسافرون بالعواري ولا يصرفون إليها كل قلوبهم حتى تعظم مصيبتهم عند فراقها .

التالي السابق


(مثال آخر لتنعم الناس بالدنيا، ثم تفجعهم على فراقها: اعلم) بصرك الله بنوره (أن مثل الناس فيما أعطوا من الدنيا) من ولد، ومال، وعقار (مثل رجل هيأ دارا، وزينها، وهو يدعو إلى داره على الترتيب قوما واحدا بعد واحد فدخل واحد داره، فقدم إليه طبق ذهب عليه بخور، ورياحين ليشمه، ويتركه لمن يلحقه) بعده (لا ليمتلكه، ويأخذه، فجهل رسمه فظن أنه قد وهب ذلك منه، فتعلق به قلبه لما ظن أنه له، فلما استرجع منه ضجر) ، وقلق (وتفجع) ، وحزن (ومن كان عالما برسمه انتفع به، وشكره، ورده بطيبة قلب، وانشراح صدر، فكذلك من عرف سنة الله في الدنيا) التي أجرى مراسمها على خلق (علم أنها دار ضيافة سبلت) ، أي: حبست (على المجتازين) العابرين (لا على المقيمين ليتزودوا منها، وينتفعوا بما فيها كما ينتفع المسافرون بالعواري) جمع عارية (ولا يصرفون إليها كل قلوبهم) ، ولا يميلون بالأنس بها كل الميل (حتى تعظم مصيبتهم عند فراقها) ، فمن أنس بشيء، وتعلق به قلبه حزن عند فراقه لا محالة .




الخدمات العلمية