ومثال اعلم أن مثل الناس فيما أعطوا من الدنيا مثل رجل هيأ دارا ، وزينها ، وهو يدعو إلى داره على الترتيب قوما واحدا بعد واحد فدخل واحد داره ، فقدم إليه طبق ذهب عليه بخور ، ورياحين ليشمه ، ويتركه لمن يلحقه لا ليتملكه ، ويأخذه ، فجهل رسمه وظن أنه قد وهب ذلك ، فتعلق به قلبه لما ظن أنه له ، فلما استرجع منه ضجر وتفجع ومن كان عالما برسمه انتفع به ، وشكره ، ورده بطيب قلب وانشراح صدر وكذلك ، من عرف سنة الله في الدنيا علم أنها دار ضيافة سبلت على المجتازين لا على المقيمين ليتزودوا منها ، وينتفعوا بما فيها كما ينتفع المسافرون بالعواري ولا يصرفون إليها كل قلوبهم حتى تعظم مصيبتهم عند فراقها . آخر لتنعم الناس بالدنيا ، ثم تفجعهم على فراقها :