النوع الثاني : ما يصرفه إلى الناس ، وهو أربعة أقسام : الصدقة ، والمروءة ، ووقاية العرض ، وأجرة الاستخدام .
أما وقد ذكرنا فضلها فيما تقدم . الصدقة ، فلا يخفى ثوابها وإنها لتطفئ ، غضب الرب تعالى
وأما المروءة فنعني بها صرف المال إلى الأغنياء ، والأشراف في ضيافة ، وهدية وإعانة وما يجري مجراها ، فإن هذه لا تسمى صدقة ، بل الصدقة ما يسلم إلى المحتاج إلا أن هذا من الفوائد الدينية ; إذ به يكتسب العبد الإخوان ، والأصدقاء ، وبه يكتسب صفة السخاء ، ويلتحق بزمرة الأسخياء فلا يوصف بالجود إلا من يصطنع المعروف ويسلك سبيل المروءة والفتوة ، وهذا أيضا مما يعظم الثواب فيه ، فقد وردت أخبار كثيرة في الهدايا والضيافات وإطعام الطعام من غير اشتراط الفقر والفاقة في مصارفها .
وأما وقاية العرض ، فنعني به بذل المال لدفع هجو الشعراء ، وثلب السفهاء ، وقطع ألسنتهم ، ودفع شرهم ، وهو أيضا مع تنجز فائدته بالعاجلة من الحظوظ الدينية ; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . ما وقى به المرء عرضه كتب له به صدقة
وكيف لا وفيه واحتراز عما يثور من كلامه من العداوة التي ، تحمل في المكافئة ، والانتقام على مجاوزة حدود الشريعة . منع المغتاب عن معصية الغيبة ،
وأما الاستخدام ، فهو أن الأعمال التي يحتاج إليها الإنسان لتهيئة أسبابه كثيرة ، ولو تولاها بنفسه ضاعت أوقاته وتعذر عليه سلوك سبيل الآخرة بالفكر والذكر الذي هو أعلى مقامات السالكين ومن لا مال له فيفتقر إلى أن يتولى بنفسه خدمة نفسه من شراء الطعام وطحنه وكنس البيت حتى نسخ الكتاب الذي يحتاج إليه وكل ما يتصور أن يقوم به غيرك ، ويحصل به غرضك ، فأنت متعوب إذا اشتغلت به ; إذ عليك من العلم ، والعمل ، والذكر والفكر ما لا يتصور أن يقوم به غيرك ، فتضييع الوقت في غيره خسران .