وكل ما ورد في فضل العلم وذم الجهل فهو دليل على ذم الغرور ; لأن الغرور عبارة عن بعض أنواع الجهل ; إذ الجهل هو أن يعتقد الشيء ، ويراه على خلاف ما هو به والغرور هو جهل إلا أن كل جهل ليس بغرور ، بل يستدعي الغرور مغرورا فيه مخصوصا ، ومغرورا به ، وهو الذي يغره .
فمهما كان الجهول المعتقد شيئا يوافق الهوى ، وكان السبب الموجب للجهل شبهة ومخيلة فاسدة يظن أنها دليل ، ولا تكون دليلا سمي الجهل الحاصل به غرورا .
هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ، ويميل إليه الطبع عن شبهة وخدعة من الشيطان فمن اعتقد أنه على خير إما في العاجل أو في الآجل عن شبهة فاسدة فهو مغرور وأكثر الناس يظنون بأنفسهم الخير ، وهم مخطئون فيه فأكثر الناس إذا مغرورون ، وإن اختلفت أصناف غرورهم واختلفت درجاتهم حتى كان غرور بعضهم أظهر وأشد من بعض ، وأظهرها وأشدها غرور الكفار ، وغرور العصاة والفساق ، فنورد لهما أمثلة لحقيقة الغرور . فالغرور