وفرقة أخرى ربما اكتسبت المال من الحلال ، وأنفقت على المساجد وهي أيضا مغرورة من وجهين : 
أحدهما الرياء وطلب الثناء ، فإنه ربما يكون في جواره أو بلده فقراء وصرف المال إليهم أهم وأفضل وأولى من الصرف إلى بناء المساجد وزينتها  وإنما يخف عليهم الصرف إلى المساجد ليظهر ذلك بين الناس . 
والثاني أنه يصرف إلى زخرفة المسجد وتزيينه بالنقوش التي هي منهي عنها وشاغلة قلوب المصلين ومختطفة أبصارهم . 
والمقصود من الصلاة الخشوع وحضور القلب وذلك يفسد قلوب المصلين ، ويحبط ثوابهم بذلك ، ووبال ذلك كله يرجع إليه ، وهو مع ذلك يغتر به ، ويرى أنه من الخيرات ويعد ذلك وسيلة إلى الله تعالى ، وهو مع ذلك قد تعرض لسخط الله تعالى ، وهو يظن أنه مطيع له ، وممتثل لأمره وقد شوش قلوب عباد الله بما زخرفه من المسجد وربما ، شوقهم به إلى زخارف الدنيا فيشتهون مثل ذلك في بيوتهم ويشتغلون بطلبه ، ووبال ذلك كله في رقبته ; إذ المسجد للتواضع ولحضور القلب مع الله تعالى . 
. قال  مالك بن دينار  أتى رجلان مسجدا فوقف أحدهما على الباب ، وقال : مثلي لا يدخل بيت الله فكتبه الملكان عند الله صديقا . 
فهكذا ينبغي أن تعظم المساجد وهو أن يرى تلويث المسجد بدخوله فيه بنفسه جناية على المسجد ، لا أن يرى تلويث المسجد بالحرام أو بزخرف الدنيا منة على الله تعالى . 
، وقال الحواريون للمسيح  عليه السلام : انظر إلى هذا المسجد ما أحسنه ، فقال : أمتي أمتي بحق أقول لكم ، لا يترك الله من هذا المسجد حجرا قائما على حجر إلا أهلكه بذنوب أهله ، إن الله لا يعبأ بالذهب والفضة ، ولا بهذه الحجارة التي تعجبكم شيئا ، وإن أحب الأشياء إلى الله تعالى القلوب الصالحة بها يعمر الله الأرض وبها يخرب إذا كانت على غير ذلك . 
وقال  أبو الدرداء  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم . 
وقال الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبني مسجد المدينة  أتاه جبريل  عليه السلام فقال له : ابنه سبعة أذرع طولا في السماء ، لا تزخرفه ولا تنقشه  . 
فغرور هذا من حيث أنه رأى المنكر ، واتكل عليه . 
     	
		
				
						
						
