وفرقة أخرى من عوام الخلق وأرباب الأموال والفقراء واعتقدوا أن ذلك يغنيهم ويكفيهم ، واتخذوا ذلك عادة ويظنون أن لهم على مجرد سماع الوعظ دون العمل ودون الاتعاظ أجرا وهم مغرورون ; لأن فضل مجلس الذكر لكونه مرغبا في الخير فإن لم يهيج الرغبة فلا خير فيه والرغبة محمودة ; لأنها تبعث على العمل فإن ضعفت عن الحمل على العمل فلا خير فيها ، وما يراد لغيره ، فإذا قصر عن الأداء إلى ذلك الغير فلا قيمة له ، وربما يغتر بما يسمعه من الواعظ من فضل حضور المجلس ، وفضل البكاء ، وربما تدخله رقة كرقة النساء فيبكي ولا عزم ، وربما يسمع كلاما مخوفا فلا يزيد على أن يصفق بيديه ويقول : يا سلام سلم ، أو نعوذ بالله ، أو سبحان الله ويظن أنه قد أتى بالخير كله ، وهو مغرور . اغتروا بحضور مجالس الذكر
وإنما مثاله مثال المريض الذي يحضر مجالس الأطباء ، فيسمع ما يجري أو الجائع الذي يحضر عنده من يصف له الأطعمة اللذيذة الشهية ، ثم ينصرف وذلك ، لا يغني عنه من مرضه وجوعه شيئا .
فكذلك سماع وصف الطاعات دون العمل بها لا يغني من الله شيئا .
فكل ، وعظ لم يغير منك صفة تغييرا يغير أفعالك حتى تقبل على الله إقبالا قويا ، أو ضعيفا ، وتعرض عن الدنيا فذلك الوعظ زيادة حجة عليك ، فإذا رأيته وسيلة لك كنت مغرورا .