فإن قلت : ، ومن عرف ضعف نفسه وعجزه ، عن أقل القليل فإذا ، قدر على مثل هذا الأمر العظيم علم أنه لم يقو عليه بنفسه ، بل بالله تعالى ، فما الذي يخاف عليه بعد نفي العجب فأقول : يخاف عليه الغرور بفضل الله والثقة بكرمه ، والأمن من مكره حتى يظن أنه يبقى على هذه الوتيرة في المستقبل ولا يخاف من الفترة والانقلاب فيكون حاله الاتكال على فضل الله فقط دون أن يقارنه الخوف من مكره ، ومن أمن مكر الله فهو خاسر جدا بل سبيله أن يكون مشاهدا جملة ذلك من فضل الله ثم خائفا على نفسه أن يكون قد سدت عليه صفة من صفات قلبه من حب دنيا ورياء وسوء خلق والتفات إلى عز وهو غافل عنه ، ويكون خائفا أن يسلب حاله في كل طرفة عين غير آمن من مكر الله ، ولا غافل عن خطر الخاتمة . فلو لم يعجب بنفسه إذ علم أن ذلك من الله تعالى لا منه وإن ، مثله لا يقوى على دفع الشيطان إلا بتوفيق الله ومعونته
وهذا خطر لا محيص عنه ، وخوف لا نجاة منه إلا بعد مجاوزة الصراط .
ولذلك لما ظهر الشيطان لبعض الأولياء في وقت النزع ، وكان قد بقي له نفس فقال أفلت مني يا فلان فقال لا بعد .
ولذلك قيل : الناس كلهم هلكى إلا العالمون والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون ، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون والمخلصون على خطر عظيم .
فإذن فلذلك لا يفارق الخوف والحذر قلوب أولياء الله أبدا . المغرور هالك ، والمخلص الفار من الغرور على خطر ;
فنسأل الله تعالى العون والتوفيق وحسن الخاتمة ; فإن الأمور بخواتيمها .
تم كتاب ذم الغرور وبه تم ربع المهلكات ويتلوه في أول ربع المنجيات كتاب التوبة والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وهو حسبي ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .