وإنما لعلمه بجلال الله فإذا نظر إلى عظم من عصى به رأى الصغيرة كبيرة ، وقد أوحى الله تعالى إلى بعض أنبيائه : لا تنظر إلى قلة الهدية ، وانظر إلى عظم مهديها ، ولا تنظر إلى صغر الخطيئة ، وانظر إلى كبرياء من واجهته بها وبهذا الاعتبار قال بعض العارفين : لا صغيرة ، بل كل مخالفة فهي كبيرة وكذلك قال بعض الصحابة رضي الله عنهم للتابعين وإنكم : لتعملون أعمالا هي في أعينكم أدق من الشعر ، كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات إذ كانت معرفة الصحابة بجلال الله أتم ، فكانت الصغائر عندهم بالإضافة إلى جلال الله تعالى من الكبائر ، وبهذا السبب يعظم الذنب في قلب المؤمن ويتجاوز عن العاصي في أمور ، لا يتجاوز في أمثالها عن العارف لأن الذنب والمخالفة يكبر بقدر معرفة المخالف . يعظم من العالم ما لا يعظم من الجاهل ،