وأما وإن كان المتناول مالا تناوله بغصب أو خيانة أو غبن في معاملة بنوع تلبيس كترويج زائف أو ستر عيب من المبيع أو نقص أجرة أجير أو منع أجرته فكل ذلك يجب أن يفتش عنه لا من حد بلوغه ، بل من أول مدة وجوده فإن القصاص وحد القذف فلا بد من تحليل صاحبه المستحق فيه فإن لم يفعل كان ظالما مطالبا به إذ يستوي في الحقوق المالية الصبي والبالغ وليحاسب نفسه على الحبات والدوانق من أول يوم حياته إلى يوم توبته قبل أن يحاسب في القيامة وليناقش قبل أن يناقش ، فمن لم يحاسب نفسه في الدنيا طال في الآخرة حسابه فإن ، حصل مجموع ما عليه بظن غالب ، ونوع من الاجتهاد ممكن فليكتبه وليكتب أسامي أصحاب المظالم واحدا واحدا ، وليطف في نواحي العالم وليطلبهم وليستحلهم أو ليؤد حقوقهم وهذه التوبة تشق على الظلمة وعلى التجار ; فإنهم لا يقدرون على طلب المعاملين كلهم ولا على طلب ورثتهم ولكن على كل واحد منهم أن يفعل منه ما يقدر عليه فإن عجز فلا يبقى له طريق إلا أن يكثر من الحسنات حتى تفيض عنه يوم القيامة فتؤخذ حسناته وتوضع في موازين أرباب المظالم ولكن كثرة حسناته بقدر كثرة مظالمه ، فإنه إن لم تف بها حسناته حمل من سيئاته أرباب المظالم ، فيهلك بسيئات غيره فهذا طريق كل تائب في ما يجب في مال الصبي يجب على الصبي إخراجه بعد البلوغ إن كان الولي قد قصر فيه وهذا يوجب استغراق العمر في الحسنات ، لو طال العمر بحسب طول مدة الظلم فكيف وذلك مما لا يعرف ، وربما يكون الأجل قريبا فينبغي أن يكون تشميره للحسنات والوقت ضيق أشد من تشميره الذي كان في المعاصي في متسع الأوقات ، هذا حكم المظالم الثابتة في ذمته . رد المظالم
أما أمواله الحاضرة فليرد إلى المالك ما يعرف له مالكا معينا ، وما لا يعرف له مالكا فعليه أن يتصدق به فإن اختلط الحلال بالحرام ، فعليه أن يعرف قدر الحرام بالاجتهاد ، ويتصدق بذلك المقدار ، كما سبق تفصيله في كتاب الحلال والحرام .