والقسم الثاني هو الذي لا يخلو عن مقارفة الذنوب ثم هم ينقسمون إلى مصرين وإلى تائبين وغرضنا أن نبين العلاج في حل عقدة الإصرار ، ونذكر الدواء فيه . فاعلم أن شفاء التوبة لا يحصل إلا بالدواء ، ولا يقف على الدواء من لا يقف على الداء إذ لا معنى للدواء إلا مناقضة أسباب الداء فكل داء حصل من سبب ، فدواؤه حل ذلك السبب ورفعه وإبطاله ، ولا يبطل الشيء لا بضده ، ولا سبب للإصرار إلا الغفلة والشهوة ، ولا يضاد الغفلة إلا العلم ولا يضاد الشهوة ، إلا الصبر على قطع الأسباب المحركة للشهوة والغفلة رأس الخطايا قال الله تعالى وأولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون فلا دواء إذن للتوبة إلا معجون يعجن من حلاوة العلم ومرارة الصبر وكما ، يجمع السكنجبين بين حلاوة السكر وحموضة الخل ويقصد بكل منهما غرض آخر في العلاج بمجموعهما ، فيقمع الأسباب المهيجة للصفراء ، فهكذا ينبغي أن تفهم علاج القلب مما به من مرض الإصرار فإن ، لهذا الدواء أصلين أحدهما العلم والآخر الصبر ، ولا بد من بيانهما .
فإن العلوم تتفاوت مراتبها؟
.


