وإذا قال القائل: المعقول الذي لا حيز له ولا مكان ولا جهة ولا يشار إليه، جزء وبعض وداخل في هذا الجسم المتحيز، الذي له مكان وجهة وحيز - لعلم كل عاقل فساد ما يقول. وهذا حقيقة قول هؤلاء.
وأيضا، فتلك الحقيقة المجردة المطلقة إذا كانت كلية، والكلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، وكانت جزءا من المعين - كان في [ ص: 31 ] كل معين كليات كثيرة، لا يمنع تصورها من وقوع الشركة فيها، فيكون في كل إنسان معين حيوان كلي، وناطق كلي، وإنسان كلي، وجسم كلي، وحساس كلي، وقائم بنفسه كلي، وجوهر كلي، وموجود كلي، ومخلوق كلي، وآكل كلي، وشارب كلي، ومتنفس كلي، وأمثال ذلك مما يمكن أن يوصف به الإنسان.
ومن المعلوم بصريح العقل أن الكلي الذي قد يعم جزئيات كثيرة لا يكون بعض جزئي واحد، فإن الكثير لا يكون بعض القليل وجزءه، ولا يكون ما يتناول أمورا كثيرة ويشملها ويعمها، أو يصلح لذلك، بعض واحد لا يقبل العموم والشركة.