وقال في كتابه المعروف " بالحجة على تارك المحجة ": أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التميمي الأصبهاني الشافعي "أجمع المسلمون على أن القرآن كلام الله، وإذا صح أنه كلام الله صح أنه صفة الله تعالى، وأنه موصوف به، وهذه الصفة لازمة لذاته.
تقول العرب: "زيد متكلم" فالكلام صفة له لا نعرف إلا أن حقيقة هذه الصفة الكلام، وإذا كان كذلك كان القرآن كلام الله، وكانت هذه الصفة لازمة له، أزلية.
والدليل على أن الكلام لا يفارق المتكلم أنه لو كان مفارقه لم يكن للمتكلم إلا كلمة واحدة، فإذا تكلم بها لم يبق له كلام، فلما كان المتكلم قادرا على كلمات كثيرة، كلمة بعد كلمة، دل على أن تلك الكلمات فروع لكلامه الذي هو صفة له ملازمة".
قال: "والدليل على أن القرآن غير مخلوق: أنه كلام الله، وكلام الله سبب إلى خلق الأشياء، قال الله تعالى: إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون [ سورة النحل: 40]، أي أردنا خلقه وإيجاده وإظهاره، فقوله "كن" كلام الله وصفته، والصفة التي منها يتفرع [ ص: 95 ] الخلق والفعل، وبها يتكون المخلوق، لا تكون مخلوقه، ولا يكون مثلها للمخلوق. لو اجتمع الخلق على أن يأتوا بمثل سورة من سوره، أو آية من آياته، عجزوا عن ذلك ولم يقدروا عليه". والدليل على أنه كلام لا يشبه كلام المخلوقين أنه كلام معجز، وكلام المخلوقين غير معجز،