وكذلك إذا قلنا: كل محسوس فإنه جزئي، فهذه قضية كلية عقلية تتناول كل حسي.
ومعلوم أنه كلما كان الحكم أعم كان أقرب إلى العقل.
فقولنا: كل موجود قائم بنفسه فإنه يشار إليه، وكل موجودين فإما أن يكونا متباينين وإما أن يكونا متحايثين، من أعم القضايا وأشملها، فكيف تكون من الوهميات التي لا تكون إلا جزئية؟
وحينئذ فقولهم: إن حكم الوهم والخيال قد يناقض حكم العقل، بمنزلة قولهم: إن حكم الحس قد يناقض حكم العقل، وبمنزلة قولهم: إن حكم العقل يناقض حكم العقل، وليس الكلام في الحس والوهم والخيال والعقل إذا كان فاسدا عرضت له آفة، فإن هذا لا ريب في إمكان تناقض أحكامه، وإنما الكلام في الحس المطلق وتوابعه مما سموه هم توهما وتخيلا.