ومما يبين ذلك أن الجملة إذا قيل: هي ممكنة معلولة الآحاد المتعاقبة، كان هناك ممكن زيد على تلك الممكنات، فكأن الممكنات التي هي معلولات متعاقبة زيدت معلولا آخر، ومعلوم أنها بزيادة معلول آخر تكون أحوج إلى الواجب منها لو لم تزد ذلك المعلول.
ولو قيل: إنها زيدت علة ممكنة لم يغن عنها شيئا، فكيف إذا زيدت معلولا ممكنا.
ومما يبين هذا أن الجملة قد تكون مقترنة وقد تكون متعاقبة. فالمقترنة مثل اجتماع أعضاء الإنسان، واجتماع أبعاض الجسم المركب، سواء كان لها ترتيب وضعي كالجسم، أو لم يكن كاجتماع الملائكة والناس والجن والبهائم وغير ذلك.
وأما المتعاقبة فمثل تعاقب الحوادث كاليوم والأمس، والولد مع الوالد ونحو ذلك.
والجملة المقترنة أحق بالاجتماع مما تعاقبت أفرادها، فإن ما [ ص: 190 ] تعاقبت أفراده قد يقال: إنه ليس بموجود، لأن الماضي معدوم والمستقبل معدوم، ولهذا جوز من جوز عدم التناهي في هذا دون ذاك، وفرق من فرق بين الماضي والمستقبل، لأن الماضي دخل في الوجود بخلاف المستقبل، وفرق قائل ثالث بين ما له اجتماع وترتيب كالجسم، وبين ما فقد أحدهما كالنفوس والحركات.
وإذا كان كذلك فإذا قال القائل: لكان الأمر فيها أظهر من المتعاقبة التي لا اقتران لآحادها، ولا اجتماع لها في زمن واحد، والعلل والمعلولات لا تكون إلا مجتمعة، لا تكون متعاقبة. الجملة ممكنة وهي معلولة الآحاد، فلو كانت الجملة هنا مقترنة مجتمعة في زمان واحد،
لكن المقصود أن ما يذكره يشمل القسمين، فلو قدر أنها متعاقبة لكان ذلك يشملها.