وأما بيان المقدمة الثانية، وهو لما تقدم في المسلك الأول -يعني مسلك الإمكان، فإنه قدمه، وسيأتي إن شاء الله تعالى ما ذكره فيه- وإذا ثبت أن أجزاء العالم من الجواهر والأجسام لا تخلو عن الحادث فتكون حادثة، فإذا كانت أجزاء العالم من الجواهر [ ص: 354 ] والأجسام حادثة، فالأعراض كلها حادثة، ضرورة عدم قيامها بغير الجواهر والأجسام، والعالم لا يخرج عن الجواهر والأعراض، فيكون حادثا. أن كل مفتقر إلى المخصص محدث، فهو أن المخصص لا بد أن يكون فاعلا مختارا، وأن يكون ما يخصصه حادثا،
قال "وهذا المسلك ضعيف أيضا، إذ لقائل أن يقول: المقدمة الأولى وإن كانت مسلمة غير أن المقدمة الثانية -وهي أن كل مفتقر إلى المخصص محدث- ممنوعة، وما ذكر في تقريرها باطل بما سبق من المسلك الأول، وبتقدير تسليم حدوث ما أشير إليه من الصفات، فلا يلزم أن تكون الجواهر والأجسام حادثة، لجواز أن تكون هذه الصفات متعاقبة عليها إلى غير النهاية، إلا بالالتفات إلى ما سبق في بيان امتناع حوادث متعاقبة لا أول لها تنتهي إليه". الآمدي: