[ ص: 389 ] ونظير ذلك ما ذكره في «تهافت الفلاسفة» لما رد عليهم مذهبهم في نفي الصفات، وبين أنه لا دليل لهم على نفيها، وتكلم في ذلك بكلام حسن بين فيه أبو حامد وأدخلوا في مسمى «التركيب» خمسة أنواع: ما احتجوا به من الألفاظ المجملة المبهمة كلفظ «التركيب»، فإنهم جعلوا إثبات الصفات تركيبا، وقالوا: متى أثبتنا معنى يزيد على مطلق الوجود كان تركيبا،
أحدها: أنه ليس له حقيقة إلا الوجود المطلق، لئلا يكون مركبا من وجود وماهية.
والثاني: ليس له صفة لئلا يكون مركبا من ذات وصفات.
والثالث: ليس له وصف مختص ومشترك، لئلا يكون مركبا مما به الاشتراك وما به الامتياز لتركب النوع من الجنس والفصل، أو من الخاصة والعرض العام.
الرابع: أنه ليس فوق العالم لئلا يكون مركبا من الجواهر المفردة، وكذلك لا يكون مركبا من المادة والصورة، فلا يكون مركبا تركيبا حسيا كتركيب الجسم من الجواهر المنفردة، ولا عقليا كتركبه من المادة والصورة.
وهذان نوعان بهما يصير خمسة، وهذه الطريقة هي طريقة [ ص: 390 ] ابن سينا، فإنه زعم أن نفس الوجود إذا كان يستلزم وجودا واجبا فالوجود الواجب له هذه الخصائص النافية لهذه الصفات، ويقول: ليس له أجزاء حد ولا أجزاء كم، وهذا مراده.