قلت: وقد تبين في هذا الكلام أنه في الباطن يرى رأي الفلاسفة في النفس أنها ليست بجسم، وكذلك في الباري; غير أنه يمنع أن يخاطب الجمهور بهذه; لأنه ممتنع في عقولهم، فضرب لهم أحسن الأمثال وأقربها، كما ذكره في اسم النور، وهذا قول أئمة الفلاسفة في أمثال هذا، من الإيمان بالله واليوم الآخر، وقد بين بالحجج الواضحة أن ما يذكره المتكلمون في النفي مخالف للشريعة، وهو مصيب في هذا باطنا وظاهرا، وقد بين أن ما يذكره المتكلمون في نفي الجسم على الله بحجج ضعيفة، وبين فسادها، وذكر أن ذلك إنما يعلم إذا علم أن النفس ليست جسما. ومعلوم أن هذا الذي يشير إليه، هو وأمثاله من المتفلسفة، أضعف مما عابه على المتكلمين: فإن المتكلمين أفسدوا حججهم هذه أعظم مما أفسدوا به حجج المتكلمين. [ ص: 248 ] فيؤخذ من تحقيق الطائفتين بطلان حجج الفريقين على نفي الجسم، مع أن وكذلك قولهم في الملائكة. وظهور بطلان قول هؤلاء أعظم من ظهور بطلان قول المتكلمين بنحو ذلك في الرب. دعوى الفلاسفة أن النفس ليست بجسم، ولا توصف بحركة وسكون ولا دخول ولا خروج، وأنه لا يحس إلا بالتصور لا غير، يظهر بطلانه،