وقد قال «رآه بقلبه ولم يره بعينه». أبو ذر:
قال أخبرنا الخلال: قال: قلت أبو بكر المروذي لأبي عبد الله: إنهم يقولون: إن قالت: عائشة محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية» فبأي شيء يدفع قول «من زعم أن قال: بقول النبي صلى الله عليه وسلم: عائشة؟ وقول النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 180 ] أكبر من قولها. «رأيت ربي»
وقال: قلت لأبي عبد الله: إن محمدا رأى ربه في الدنيا، وقد أنكر عليه قوم واعتزلوا أن يصلوا خلفه، وهو إمام، فغضب وقال: «أهل أن يجفى، ما اعتراضه في هذا الموضع؟ يسلم الخبر كما جاء». رجلا قال: أنا أقول: إن الله يرى في الآخرة، ولا أقول: إن
قال أخبرنا الخلال: قال: قرأت على أبو بكر المروذي أبي عبد الله إبراهيم بن الحكم، حدثني أبي، عن عكرمة قال: سألت ابن عباس: «هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ قال: نعم، رآه دون ستر من لؤلؤ». قال قرأته عليه بطوله فصححه، وقد روى المروذي: أبو بكر بن أبي داود في كتاب السنة من [ ص: 181 ] جملة كتاب السنن هذا الخبر عن عكرمة قال: سئل «هل رأى ابن عباس: محمد ربه؟ قال: نعم، قال: كيف رآه؟ قال: في صورة. فقلت أنا أليس هو يقول: لابن عباس: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير [الأنعام: 103] قال: لا أم لك ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء».
وقد روى الرؤية عن أبو بكر بن خزيمة من هذا الوجه، فقال: حدثنا ابن عباس محمد بن يحيى، حدثنا يزيد بن أبي حكيم العدني، حدثنا الحكم بن أبان، سمعت عكرمة يقول: سمعت وسئل: هل رأى ابن عباس محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ قال: نعم، قال: فقلت أليس الله يقول: لابن عباس: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار [الأنعام: 103] قال: لا أم لك ذاك نوره [ ص: 182 ] إذا تجلى بنوره لم يدركه شيء.
قال محمد بن يحيى: امتنع علي إبراهيم بن الحكم في هذا الحديث، فخار الله لي أحلى منه، يعني أن يزيد بن أبي حكيم أحلى من إبراهيم بن الحكم، أي أنه أوثق منه.
قال محمد بن يحيى: قال لي ابنه -يعني ابن إبراهيم بن الحكم- تعال حتى نحدثك فلم أذهب، فحدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قال: ثنا موسى بن عبد العزيز القنباري، حدثني الحكم يعني ابن أبان قال: حدثني عكرمة قال: سئل هل رأى ابن عباس: محمد ربه؟ قال: نعم، قلت أنا أليس يقول الرب عز وجل: لابن عباس: لا تدركه الأبصار وهو يدرك [ ص: 183 ] الأبصار [الأنعام 103] فقال: لا أم لك، وكانت كلمته لي: «ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء».
فهذا التفسير من يقتضي أنه رآه بالبصيرة، فإنما يرى إذا ما لم يتجل بنوره الذي هو نوره، هذا مشروح في غير هذا الموضع؛ ولهذا فقد قال: إنه تفسير لحديث ابن عباس وأن المنفي فيه قولان كالمنفي في قول أبي ذر، هذا. ابن عباس
وأنه كما قيل في قوله تعالى: لا تدركه الأبصار أنك ترى السماء ولا تدركها؛ فلذلك قيل: وإذا حدقت فيها عشي بصرك، وإنما أنكر على من نفى أحاديث رؤيته في الدنيا مطلقا؛ لأن من أحمد الجهمية طوائف يقولون: إن الله لا يجوز أن يرى بالأبصار ولا بالقلوب أصلا، وطوائف يقولون: إنه لا يجوز أن يرى في المنام أيضا، وهؤلاء يجحدون كل ما فيه إثبات أن [ ص: 184 ] محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه عز وجل، سواء كان بفؤاده أو في منامه أو غير ذلك، وهؤلاء الجهمية ضلال باتفاق أهل السنة؛ ولهذا كان ينكر على هؤلاء ردهم ما في ذلك من الأخبار التي تلقاها العلماء بالقبول كما سنذكره إن شاء الله تعالى، وإذا كانوا يمنعون أن أحمد محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه بفؤاده أو في منامه فهم لرؤية غيره أجحد وأجحد، وقد ذكر العلماء من أصحابنا وغيرهم ذلك عن طوائف من الجهمية حتى إن من المعتزلة من يقول: يجوز أن يرى بالقلوب بمعنى العلم، ومنهم من ينكر ذلك، كما نقل ذلك الأشعري في المقالات، فقال: