فصل
قال الرازي: وأما في عرف العلماء، فاعلم أن الناس قد أكثروا في وكتب من تقدمنا مشتملة عليهما، والذي عندي فيه أن اللفظ الذي جعل موضوعا لمعنى إما أن يكون محتملا لغير ذلك المعنى أو لا يكون، فإن كان موضوعا لمعنى ولم يكن محتملا لغيره فهو النص، وإن كان محتملا لغير ذلك المعنى فإما أن يكون احتماله لأحدهما راجحا على الآخر، وإما أن لا يكون، بل يكون احتماله لهما على السوية، فإن كان احتماله لأحدهما راجحا على احتماله للآخر، كان ذلك اللفظ بالنسبة إلى الراجح ظاهرا، وبالنسبة إلى المرجوح مؤولا، وأما إن كان احتماله لهما على السوية كان اللفظ بالنسبة إليهما معا مشتركا، وبالنسبة إلى كل واحد منهما على التعيين مجملا. [ ص: 383 ] تفسير المحكم والمتشابه،
فخرج من هذا التقسيم أن اللفظ: إما أن يكون نصا، أو ظاهرا، أو مجملا، أو مؤولا، فالنص والظاهر يشتركان في حصول الترجيح، إلا أن النص راجح مانع من النقيض، والظاهر راجح غير مانع من النقيض، فهذا القدر هو المسمى بالمحكم، وأما المجمل والمؤول فهما يشتركان في أن دلالة اللفظ غير راجحة، إلا أن المجمل لا رجحان فيه بالنسبة إلى الطرف الآخر.