وأما . ولهذا كان هذا التوحيد جامعا لكل تلحيد ، فإن المسلمين سموا توحيد الله الذي يستحقه على عباده والذي بعث به رسله وأنزل به كتبه ، فهو توحيده نفسه وإخلاص الدين له ، لا توحيد المشترك بينه وبين خلقه القرامطة ملاحدة ، وهؤلاء حقيقة قولهم هو قول الملاحدة الإسماعيلية النصيرية القرامطة الفرعونية النمرودية ، وأما مشركو العرب والصابئة الفلاسفة ونحوهم فأحسن حالا من هؤلاء ، ولا حسن في شيء من الشرك ، وإنما الغرض أن هؤلاء أكفر من ثلاثة أوجه :
من جهة أنهم أشركوا به جميع الموجودات .
ومن جهة أنهم جعلوا المخلوقات هي إياه ، وأولئك اعترفوا بأن شركاءهم ملكه وأنهم ليسوا إياه ، وهؤلاء جعلوها إياه وجزءا منه .
ومن جهة أنهم أنكروه وكذبوا بوجوده ، حيث جعلوه الوجود المطلق أو وجود المخلوقات . [ ص: 180 ]
وهذا الثالث : لا يجيء على قول ، فإنه يقول : إن له وجودا وإنه فاض على الممكنات . وإنما يجيء على قول ابن عربي القونوي الذي يقول : هو الوجود المطلق ، وعلى قول التلمساني [والبلياني] وابن سبعين الذين يقولون : هو عين الموجودات ، فإن التلمساني والبلياني وابن سبعين ما عندهم وجود إلا عين الحق ، فلم يفرقوا بين الوجود المطلق والمعين ، ولا بين الوجود والماهيات .
وأما القونوي فيفرق بين المطلق والمعين ، وعنده أن الله هو الوجود المطلق لا المعين .
وأما فعنده أن وجود الحق قائم بنفسه ، وأن ماهيات الممكنات أزلية ، كقول من يقول من المعتزلة وغيرهم والشيعة : إن المعدوم الممكن شيء . وزاد عليهم بأنه فاض عليها وجود الحق ، فوجودها وجوده ، لا أن ماهيتها ماهيته . ابن عربي