وإذا كان ذلك فالواجب أن ، والموافق له وإن كان حقا فيعلم أن كلام الله أصدق الكلام وأحسن الحديث . وكذلك ينظر في كل عمل وحركة باطنة وظاهرة ، ويعلم أن خير ذلك وأفضله هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم نيته وعمله ، فأفضل النيات نيته ، وأفضل الأعمال عمله ، فيكون هديه أحسن الهدي ، كما قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى : ينظر في كل كلام ، فما وافق كتاب الله [ ص: 215 ] فهو حق ، وما خالفه فهو باطل ليبلوكم أيكم أحسن عملا [الملك :2] ، قال : أخلصه وأصوبه ، قيل : يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ فقال : إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل ، حتى يكون خالصا صوابا ، والخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة .
فعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخلص الأعمال ، لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له ، كما علم ذلك من دينه الخاص والعام . . بل هو إمام الموحدين المخلصين ، لم يقم أحد من الخلائق دين الله وتوحيده باطنا وظاهرا كما أقامه ، ولم يدع أحد إلى سبيل ربه كما دعا إليه ، ولم يجاهد في سبيل الله كما جاهد في سبيل ربه . وعمله أصوب الأعمال ، كما قال تعالى : كان يقول في دبر صلاته : «لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن » إن هذا القرآن يهدي للتي [ ص: 216 ] هي أقوم [الإسراء :9] ، وكان خلقه القرآن .
وهو لم يفعل من العبادة ولم يشرع منها إلا ما أمره به ربه ، ولم يدع إلى سبيل إلا بإذن ربه ، كما قال : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا [الأحزاب :45 - 46] ، وقال عنه : إن أتبع إلا ما يوحى إلي [الأنعام :50] . وقال عنه : إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم [الأنعام :15] .