nindex.php?page=treesubj&link=19611_24477_18580والله سبحانه أمر مع أكل الطيبات بالشكر ، فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=172يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون [البقرة :172] ، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=692380«إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، ويشرب الشربة فيحمده عليها » . وفي الأثر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664780«الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر » . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثم لتسألن يومئذ عن [ ص: 244 ] النعيم [التكاثر :8]
nindex.php?page=hadith&LINKID=908895لما أضاف النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=1وأبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=2737أبو الهيثم ابن التيهان ، وجلسوا في الظل ، وأطعمهم الفاكهة واللحم ، وسقاهم الماء البارد ، قال : «هذا من النعيم الذي تسألون عنه» .
والسؤال عنه لطلب شكره ، لا إثم فيه ، فالله تعالى يطلب من عباده شكر نعمه ، وعليه أن لا يستعين بطاعته على معصيته ، فإذا ترك ما وجب عليه في نعمته من حق ، واستعان بها على محرم كان فعله بها وتركه لما فيها سببا للعذاب أيضا . فالعذاب استحقه بترك المأمور وفعل المحظور ، لا على النعمة التي هي من فعل الله تعالى ، وإن كان فعله وتركه بقضاء الله وقدره ، بعلمه ومشيئته وقدرته وخلقه . فإن حقيقة الأمر أنه نعم العبد تنعيما ، وكان ذلك التنعيم سببا لتعذيبه أيضا ، فقد اجتمع في حقه تنعيم وتعذيب ، ولكن التعذيب إنما كان بسبب معصيته ، حيث لم يؤد حق النعمة ، ولم يتق الله فيها .
وعلى هذا فهذه التنعيمات هي نعمة من وجه دون وجه ، فليست من النعم المطلقة ، ولا هي خارجة عن جنس النعم مطلقها ومقيدها ، فباعتبار ما فيها من التنعيم يصلح أن يطلب حقها من الشكر وغيره ، وينهى عن استعمالها في المعصية ، فتكون نعمة في باب الأمر والنهي والوعد والوعيد ، وباعتبار أن صاحبها يترك فيها المأمور ويفعل بها
[ ص: 245 ] المحظور الذي يربي عذابه على نعيمها ، كانت وبالا عليه ، وكاد أن لا يكون ذلك في حقه خيرا له من أن يكون ، فليست نعمة في حقه في باب القضاء والقدر والخلق والمشيئة العامة ، وإن كان ذلك يكون نعمة في حق عموم الخلق والمؤمنين . وعلى هذا يظهر ما تقدم من خبر الله بأن ذلك استدراج ومكر وإملاء .
nindex.php?page=treesubj&link=19611_24477_18580وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَرَ مَعَ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ بِالشُّكْرِ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=172يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [الْبَقَرَةِ :172] ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=692380«إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ، وَيَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا » . وَفِي الْأَثَرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664780«الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ بِمَنْزِلَةِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ » . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنُ مَاجَهْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=8ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ [ ص: 244 ] النَّعِيمِ [التَّكَاثُرِ :8]
nindex.php?page=hadith&LINKID=908895لَمَّا أَضَافَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=1وَأَبَا بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=2737أَبُو الْهَيْثَمِ ابْنُ التَّيِّهَانِ ، وَجَلَسُوا فِي الظِّلِّ ، وَأَطْعَمَهُمُ الْفَاكِهَةَ وَاللَّحْمَ ، وَسَقَاهُمُ الْمَاءَ الْبَارِدَ ، قَالَ : «هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ» .
وَالسُّؤَالُ عَنْهُ لِطَلَبِ شُكْرِهِ ، لَا إِثْمَ فِيهِ ، فَاللَّهُ تَعَالَى يَطْلُبُ مِنْ عِبَادِهِ شُكْرَ نِعَمِهِ ، وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ بِطَاعَتِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ ، فَإِذَا تَرَكَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي نِعْمَتِهِ مِنْ حَقٍّ ، وَاسْتَعَانَ بِهَا عَلَى مُحَرَّمٍ كَانَ فِعْلُهُ بِهَا وَتَرْكُهُ لِمَا فِيهَا سَبَبًا لِلْعَذَابِ أَيْضًا . فَالْعَذَابُ اسْتَحَقَّهُ بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ وَفِعْلِ الْمَحْظُورِ ، لَا عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ ، بِعِلْمِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ . فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ نَعَّمَ الْعَبْدَ تَنْعِيمًا ، وَكَانَ ذَلِكَ التَّنْعِيمُ سَبَبًا لِتَعْذِيبِهِ أَيْضًا ، فَقَدِ اجْتَمَعَ فِي حَقِّهِ تَنْعِيمٌ وَتَعْذِيبٌ ، وَلَكِنَّ التَّعْذِيبَ إِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ مَعْصِيَتِهِ ، حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ حَقَّ النِّعْمَةِ ، وَلَمْ يَتَّقِ اللَّهَ فِيهَا .
وَعَلَى هَذَا فَهَذِهِ التَّنْعِيمَاتُ هِيَ نِعْمَةٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ ، فَلَيْسَتْ مِنَ النِّعَمِ الْمُطْلَقَةِ ، وَلَا هِيَ خَارِجَةٌ عَنْ جِنْسِ النِّعَمِ مُطْلَقِهَا وَمُقَيَّدِهَا ، فَبِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا مِنَ التَّنْعِيمِ يَصْلُحُ أَنْ يُطْلَبَ حَقُّهَا مِنَ الشُّكْرِ وَغَيْرِهِ ، وَيُنْهَى عَنِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْمَعْصِيَةِ ، فَتَكُونُ نِعْمَةً فِي بَابِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ صَاحِبَهَا يَتْرُكُ فِيهَا الْمَأْمُورَ وَيَفْعَلُ بِهَا
[ ص: 245 ] الْمَحْظُورَ الَّذِي يُرْبِي عَذَابُهُ عَلَى نَعِيمِهَا ، كَانَتْ وَبَالًا عَلَيْهِ ، وَكَادَ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ ، فَلَيْسَتْ نِعْمَةً فِي حَقِّهِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَالْخَلْقِ وَالْمَشِيئَةِ الْعَامَّةِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَكُونُ نِعْمَةً فِي حَقِّ عُمُومِ الْخَلْقِ وَالْمُؤْمِنِينَ . وَعَلَى هَذَا يَظْهَرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ خَبَرِ اللَّهِ بِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ وَمَكْرٌ وَإِمْلَاءٌ .