ولو لم يجز ، سواء [ ص: 314 ] أجل القرض أو أطلقه وكان حالا ، فيجب إذا قال : بعتك هذا الرطل برطلين إلى أجل أن لا يجوز ؛ لأن هذا هو معنى القرض بزيادة . قال : أقرضتك هذا الرطل على أن ترد رطلين ، كبيع دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل ، فهذا الذي لا ريب في تحريمه ، وإن احتال عليه بأي حيلة كانت ، متى كان المقصود أخذ الدراهم بأكثر منها إلى أجل فهو ربا . وكل قرض جر زيادة بالشرط لم يجز باتفاقهم ، وهو الربا الذي يجمع فيه الفضل والنساء
ولهذا قال ، وهو لا يحرم ربا الفضل يدا بيد ، قال : إذا استقمت بنقد ثم بعت بنقد فلا بأس ، وإذا استقمت بنقد ثم بعت بنسيئة فتلك دراهم بدراهم . واستقمت بمعنى قومت ، بمعنى قوم السلعة بنقد وابتاعها بأكثر إلى أجل ، كان مقصوده القيمة ، وهو بيع دراهم بدراهم . ابن عباس
فإن قيل : فلو باع رطلا برطلين جاز ، ولا يجوز مثل هذا في القرض .
قيل : القرض لا يكون قط مع تعجيل الوفاء ، بل لا بد فيه من تأخير الوفاء ، وإلا فلا يقول : أقرضني هذه الدراهم وأعطيك مثلها الساعة ، فإن هذا لا يفعله عاقل ؛ إذ لا فائدة فيه ، بل هو كبيع الشيء بنفسه .
فإن قيل : تلك الدراهم تقوم مقامها ، فلا تباع بمثلها إلا مع التأخير ، ولا تباع بدراهم معجلة إلا لاختلاف الصفة . والقرض إنما يجب فيه المثل ، فلا يبيع أحد رطلين برطلين كل منهما مثل ذلك الرطل ، هذا لا يفعله أحد عاقل ، ولا يقع مثل هذا في القرض ؛ إذ كان القرض لا بد فيه [ ص: 315 ] من تأخير الإيفاء ، وذلك واجب فيه في أحد قولي العلماء ، ولو أجله بأجل ، كمذهب وقول في مذهب مالك . أحمد
ومن قال : إن له المطالبة في الحال ولا يتأجل ، قالوا : لأن هذا تبرع ، والتبرع لا يلزم بالعقد ، كما قالوا مثل ذلك في الهبة والعارية . وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي في إحدى الروايتين . وأما أهل وأحمد المدينة فعندهم يلزم بالعقد ، وعليه تدل نصوص الكتاب والسنة .