، ولم يأمر الله ولا رسوله أحدا بفعل الصلاة مرتين مع كونه فعلها على الوجه الذي أمر به أولا ، بل قال النبي صلى الله عليه وسلم : واتفقوا على أن من تيمم لعدم الماء في السفر أو للمرض أو الجرح أنه لا يعيد ؟ » . [ ص: 430 ] «أينهاكم عن الربا ويقبله منكم
وتفريق من فرق بين العذر النادر والمعتاد فرق ضعيف ، وإنما قاسوه على الحائض التي تؤمر بقضاء الصوم الذي لا يتكرر ، ولم تؤمر بقضاء الصلاة التي تتكرر ، فقالوا : ما يتكرر من الأعذار كالصلاة ، وما لم يتكرر كالصوم . وهذا قياس ضعيف فإن الحائض لا تؤمر بالصوم أولا وبقضائه ثانيا ، وإنما تؤمر بصوم واحد كما يؤمر الطاهر بصوم واحد ، ولكن أمرت بالصوم في غير وقت الحيض . وأما الصلاة فإن كل يوم وليلة فيه صلوات خمس واجبة ، فلو أمرت بالقضاء لكانت مأمورة في أمر واحد بعشر صلوات ، وهذا خلاف الواجب .
فهؤلاء إذا أمروا المعذور بالصلاة مرتين فقد أمروه بعشر صلوات في زمن القضاء ، وهو خلاف الأصل الذي قاسوا عليه . فعلم أن المشروع في الحائض حجة عليهم لا أنه حجة لهم . وقد قال الله تعالى : فاتقوا الله ما استطعتم [التغابن :16] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : » . «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
فمن فعل الصلاة كما يستطيع فلا إعادة عليه ، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أحدا من أهل الأعذار بصلاتين قط ، فالأمر بذلك ذريعة إلى الترك ، فإن المعذور حسبه أن يفعلها مرة ، فإذا أمر بها مرتين أفضى إلى الترك . وقد أمر الله بالصلاة في شدة الخوف رجالا وركبانا ، وهي من الأعذار [ ص: 431 ] النادرة ، ولم يأمر بالإعادة ، بل نفس صلاة الخوف الخفيف التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم بإزاء العدو ، وهي في غالب الأمور من الأعذار النادرة ، وفيها أمور تخالف صلاة الاختيار ، مثل استدبار القبلة ، والعمل الكبير في الصلاة ، ومفارقة الإمام قبل السلام ، وغير ذلك ، ولم يكن فيها إعادة .