وقد أجمع المسلمون إجماعا معلوما بالاضطرار من دين الإسلام أن لا يجب عليه قضاء ما تركه في حال الكفر من صلاة وزكاة وصيام، سواء قيل: إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، أو قيل: إنهم غير مخاطبين بها; فإن أثر النزاع يظهر في عقوبة الآخرة، وأما في الدنيا فلا تصح منهم هذه العبادات في حال الكفر، ولا يؤمرون بقضائها بعد الإسلام. الكافر الأصلي إذا أسلم
ومن ترك بعض الصلوات، أو بعض أركانها، جهلا بوجوبها، وكذلك الصيام، فلا قضاء عليه أيضا في أظهر قولي العلماء، وهو أحد الوجهين في مذهب وغيره. الإمام أحمد
كما لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة أن تقضي ما تركته من الصلاة زمن [ ص: 227 ] الاستحاضة.
ولم يأمر عمر أن يقضيا ما تركاه من الصلاة لما أجنبا، وعمارا لم يصل، وأما عمار فتمرغ كما تمرغ الدابة. فعمر
ولم يأمر لما كان يجنب ولا يصلي بالقضاء. أبا ذر
ولم يأمر من كان يأكل حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بقضاء الصيام.
إلى أمثال ذلك.
بل كان يأمرهم باستئناف العمل بما أمروا به، وما تركوه جاهلين بوجوبه لا يقضونه; لأن حكم الخطاب إنما يثبت في حق المكلفين بعد بلوغ الخطاب.
وإذا فهذا فعله من الكبائر، لا يسقط عنه العقاب ولو قضاه إلا بالتوبة. لكن هل يخف عنه؟ فيه قولان، والأظهر أن القضاء لا ينفعه، وإنما تنفعه التوبة، وإذا تاب تاب الله [ ص: 228 ] عليه، كما يتوب من سائر الكبائر، كالزنا والسرقة وشرب الخمر، وكما يتوب من ترك الجمعة ونحوها مما لا يفعل إلا في وقته; فإن أدلة الشرع متطابقة على أن العبادات المؤقتة لا يقبلها الله إلا كما أمر في الوقت الذي شرع فعلها فيه. تعمد تفويت الصلاة والصيام، مع علمه بالوجوب،
وأما إذا فعليه الكفارة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم: عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا، والله تعالى أعلم. جامع في رمضان، عالما بتحريم الوطء،
* * *