* الأصل الرابع: أن تعلم أن وذلك لأنها مكفرات للذنوب، ولأنها تدعوه إلى الصبر، فيثاب عليها، ولأنها تقتضي الإنابة إلى الله، والذل له، والإعراض عن الخلق، إلى غير ذلك من المصالح العظيمة. المصائب نعمة،
ولكن الخير بها نوعان:
أحدهما: يحصل بها نفسها.
والثاني: يحصل بما يفعله المؤمن معها من العمل الصالح.
* أما الأول، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما يصيب المؤمن [ ص: 404 ] من وصب ولا نصب، ولا هم ولا حزن، ولا غم ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه».
وفي المسند وغيره أنه لما نزلت هذه الآية من يعمل سوءا يجز به [النساء: 123]، يا رسول الله، قد جاءت قاصمة الظهر، وأينا لم يعمل سوءا؟ ! قال: «يا أبا بكر، ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست يصيبك اللأواء؟ فذلك مما تجزون به». أبو بكر: قال
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مثل المؤمن مثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح، تقيمها تارة، وتميلها أخرى. ومثل المنافق مثل شجرة الأرز، لا تزال قائمة على أصلها، حتى يكون انجعافها مرة واحدة».
وفي المسند وغيرهما والترمذي أنه قيل: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: «الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على [ ص: 405 ] حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رخاوة خفف عنه، ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة».
وفي الحديث: «من يرد الله به خيرا يصب منه».
وفي الحديث أن ابن مسعود قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك لتوعك وعكا شديدا، قال: «أجل، أوعك كما يوعك رجلان منكم، لأن لي الأجر مرتين».
فهذه النصوص وأمثالها تبين أن ومعلوم أن هذا من أعظم النعم. نفس البلاء يكفر الله به الخطايا،
ولو كان الرجل من أفجر الناس فإنه لا بد أن يخفف الله عذابه بمصائبه، ولو قدر كافرا، فإذا كان الكافران سواء في الكفر، وابتلي أحدهما في الدنيا بمصائب، كان عقابه في الآخرة دون عقوبة الذي لم يعاقب في الدنيا، مثل فرعون، فإنه من أشد الناس عذابا في الآخرة، إذ كان لم يبتل في الدنيا.