والمحاربة الشرعية أصلها ظاهرا لأهل الحرب من الكفار ، وفي الباطن وبعض الظاهر للمنافقين ، ، وقد يسمى كذبا ، كما قال صلى الله عليه وسلم : والمرخص فيه هو المعاريض بالاتفاق . وهذه الثلاث هي من باب المعاريض . «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات كلهن في ذات الله »
وأما ، أظهرهما أنه لا يباح ، ولهذا قالت : ولم أسمعه يرخص فيما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث . الكذب الصريح ففيه قولان
ومن الحرب المباحة دفع المظالم عن النفوس والأموال والأبضاع المعصومة . . . [ ص: 69 ]
وإنما جاءت الرخصة في السلم والحرب خاصة ؛ لأن هذين الموطنين مبناهما على تأليف القلوب وتنفيرها ، فإذا تألفت فهي المسالمة ، وإذا تنفرت فهي المحاربة ، والتأليف والتنفير يحصل بالتوهمات كما يحصل بالحقائق ، ولهذا يؤثر قول الشعر في التأليف والتنفير ، بحيث يحرك النفوس شهوة ونفرة تحريكا عظيما وإن لم يكن الكلام منطبقا على الحق ، لكن لأجل تخييل أو تمثيل . فلما كانت المسالمة والمحاربة الشرعية يقوم فيها التوهم لما لا حقيقة له ، والباطن لم يعن إلا الحق صار ذلك صفاء وصدقا عند المتكلم ، وموهما للمستمع توهما يؤلفه تأليفا يحبه الله ورسوله ، أو ينفره تنفيرا يحبه الله ورسوله ، بمنزلة تأليفه وتنفيره بالأشعار التي فيها تخييل وتمثيل ، وبمنزلة الحكايات التي فيها أمثال مضروبة ، فإن الأمثال المنظومة والمنثورة إذا كانت حقا مطابقا فهي من الشعر الذي هو حكمة ، وإن كان فيها تشبيهات شديدة وتخيلات عظيمة أفادت تأليفا وتنفيرا . [ ص: 70 ]