، الذي أصله الحب والإنابة والإعراض عما سواه ، وهو الفطرة التي فطر عليها الناس ، وهذه المحبة التي هي أصل الدين انحرف فيها فريق من منحرفة الموسوية من الفقهاء والمتكلمين ، حتى أنكروها وزعموا أن محبة الله ليست إلا إرادة عبادته . ثم كثير منهم تاركون للعمل بما أمروا به ، فيأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، وهذا فاش فيهم ، وهو عدم المحبة والعمل . وفريق من منحرفة العيسوية من الصوفية والمتعبدين ، حتى خلطوها بمحبة ما يكرهه ، وأنكروا البغض والكراهية ، فلم ينكروا شيئا ولم يكرهوه ، أو قصروا في الكراهة والإنكار ، وأدخلوا فيها الصور والأصوات ومحبة الأنداد . [ ص: 95 ] وأصل الدين هو عبادة الله
ولهذا كان لغواة الأولين وصف الغضب واللعنة الناشئ عن البغض ، لأن فيهم البغض دون الحب ، وكان لضلال الآخرين وصف الضلال والغلو ، لأن فيهم محبة لغير معبود صحيح ، ففيهم طلب وإرادة ومحبة ، لكن لا إلى مطلوب صحيح ولا مراد صحيح ولا محبوب صحيح ، بل قد خلطوا وغلوا وأشركوا ، ففيهم محبة الحق والباطل ، وهو وجود المحبوب والمكروه ، كما في الآخرين بغض الحق والباطل ، وهو دفع المحبوب والمكروه .
والله سبحانه يهدينا صراطه المستقيم ، فنحمد من هؤلاء محبة الحق والاعتراف به ، ومن هؤلاء بغض الباطل وإنكاره . [ ص: 96 ]