فصل : فإذا ثبت أن يجوز أن يتولى عقد النكاح بنفسه بإذن وليه ، فقد اختلف أصحابنا ، على ثلاثة أوجه : هل له في النكاح أن يعين له على المنكوحة أم لا ؟
أحدها : يلزمه أن يعين له على المنكوحة : ليقطع اجتهاده في العقد حتى لا ينكح من يعظم مهرها .
والثاني : عليه أن يعين له على القبيلة أو العشيرة : حتى لا ينكح من ذوي الأنساب الذين يعظم مهور نسائهم ، وليس عليه أن يعين له على المرأة من نساء القبيلة ؛ لأنه يقف على اختيار النفوس .
والوجه الثالث : أنه لا يلزمه أن يعين المنكوحة ، ولا على قبيلتها : لأنه ليس بأسوإ حالا من العبد الذي يجوز إذا أذن السيد له في النكاح أن لا يعين له على المنكوحة ولا على قومها ، فأولى أن يكون السفيه مثله في الإذن ، فإذا نكح السفيه بمقتضى الإذن بمهر المثل فما دون ، لزمه المهر والنفقة في ماله أن ينكح بأكثر من مهر المثل ، صح النكاح بمهر المثل ، وكانت الزيادة مردودة لا تلزمه في وقت الحجر ولا بعد فكه عنه ، وخالف العبد الذي إذا نكح بإذن السيد وزاد على مهر المثل كانت الزيادة في ذمته يؤديها بعد عتقه ، والرفق بينهما أن الحجر على السفيه لحفظ ماله عليه فلو لزمته الزيادة بعد فك الحجر عنه لم يكن ماله محفوظا عليه ، والعبد إنما حجر عليه لأجل سيده ، وحفظ ما يستحقه السيد من كسبه ، فإذا لزمته الزيادة بعد عتقه ، سلم حق السيد وصار ماله محفوظا عليه .