فصل : فإذا صح أن الولاية لا تنتقل عنه بالفقد والغيبة إلى من هو أبعد لم يخل أن يكون مفقودا أو غائبا ، فإن كان مفقودا لا يعرف مكانه ، ولا يعلم خبره زوجها الحاكم النائب عن الغيب في حقوقهم ، كما زوجها عنه إذا عضل .
وإن كان غائبا لم تخل مسافة غيبته أن تكون قريبة أو بعيدة :
فإن كانت بعيدة ، وهو أن يكون على أكثر من مسافة يوم وليلة : زوجها الحاكم عنه من غير استئذانه فيه : لأن استئذانه مع بعد الغيبة شاق : ولأن طول الزمان في بعد المسافة ، ففوت على الزوجة حقها من العقد .
وإن كانت غيبته قريبة وهو أن يكون أقل من مسافة يوم وليلة ، وقد اختلف أصحابنا في جواز على وجهين : تزويج الحاكم لها بغير إذنه
أحدهما : يزوجها الحاكم بغير إذنه للمعنيين المتقدمين . وهو ظاهر كلام الشافعي : لأنه قال : بعيدة كانت غيبته أو قريبة .
والوجه الثاني : أنه لا يجوز للحاكم تزويجها إلا بإذنه : لأنه في حكم الحاضر ، إذ ليس له الترخص بأحكام السفر ، وتأول قائل هذا الوجه من أصحابنا كلام الشافعي " بعيدة كانت غيبته أم قريبة " على قرب الزمان كقرب المكان ، كأنه لم يفرق بين أن يكون قد سافر من زمان قريب أو من زمان بعيد ، وإن فرق بين أن يكون سفره إلى مكان قريب أو مكان بعيد .