مسألة : قال  الشافعي      : " ولو  زوجها الولي بأمرها من نفسه   لم يجز ، كما لا يجوز أن يشتري من نفسه " .  
قال  الماوردي      : إذا كان للمرأة ولي يحل له نكاحها كابن عم أو مولى معتق ، لم يجز أن يتزوجها بنفسه وولايته حتى يزوجه الحاكم بها .  
وقال  مالك   ،  وأبو حنيفة      : يجوز أن يتزوجها من نفسه بعد إذنها له .  
وقال  أحمد بن حنبل      : يأذن لأجنبي حتى يزوجه بها واستدل من أجازه بقول الله تعالى :  ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن      [ النساء : 127 ]  قالت  عائشة     : نزلت هذه الآية في شأن يتيمة في حجر وليها رغب في مالها وجمالها لم يقسط لها في صداقها مهرا ، أن تنكحوا أو تقسطوا لهن في صداقهن  فدل على أن للولي أن يتزوجها ولم يقسط في صداقها ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :  لا نكاح إلا بولي  وهذا نكاح قد عقده ولي ،  ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق  صفية  وتزوجها ولم يكن لها ولي سواه     : ولأنه نكاح بولي ، فجاز ثبوته ، كما لو زوجها من غيره ، ولأن الولي إنما يراد لأن لا تضع المرأة نفسها في غير كفء ووليها كفء لها .      [ ص: 129 ] ودليلنا ما روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح : خاطب ، وولي ، وشاهدا عدل  فاعتبر في صحته حضور أربعة ، وجعل الخاطب منهم غير الولي ، فلم يجز أن يصح بثلاثة يكون الولي منهم خاطبا ، كما لم يجز أن يكون الشاهد منهم خاطبا .  
وروى  سعيد بن المسيب   عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :  لا يتزوج الرجل المرأة حتى يكون الولي غيره ، ولا يشتري الولي شيئا من الغنيمة ولا الوصي شيئا من الميراث  وهذا نص مرسل ،  وسعيد   عند  الشافعي   حجة : لأنه عقد لم يملك فيه البدل إلا بإذن ، فلم يملك فيه القبول . كالوكيل في البيع لما ملك فيه البدل بإذن موكله لم يملك فيه القبول في شرائه لنفسه ، وهي دلالة  الشافعي      .  
ولا يدخل في هذا القياس ابتياع الأب مال ابنه الصغير بنفسه حيث صار فيه مالكا للبدل والقبول : لأن الأب يملك البدل بنفسه لا بإذن غيره ، فجاز أن يملك فيه القبول ، وخالف الولي في النكاح كما خالف الوكيل في البيع ، ولأنه ذكر اعتبر في النكاح احتياطا ، فلم يجز أن يكون زوجا كالشاهد : ولأن الولي مندوب لطلب الحظ لها في التماس من هو أكفأ وأغنى ، فإذا صار زوجا انصرف نظره إلى حظ نفسه دونها ، فعدم في عقده معنى الولاية فصار ممنوعا منه ، وليست الآية دليلا على ما اختلفا فيه من جواز أن يتزوجها بنفسه .  
وأما الجواب عن قوله عليه السلام :  لا نكاح إلا بولي  فهو : إن هذا في حال تزويجه بها قد خرج أن يكون وليا لها لما ذكرنا من انصرافه عما وضع له الولي من طلب الحظ لها إلى طلب الحظ لنفسه .  
فأما الجواب عن حديث  سعيد      : فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم مخصوص بجواز النكاح بغير ولي عند كثير من أصحابنا ، فلم يجز أن يعتبر به حال غيره .  
فأما على قول من اعتبر الولي في نكاحه ، فيقول لم يكن  لصفية  ولي غيره ، فصار في عقده عليها كالإمام إذا لم يجد لوليته وليا سواه يزوجها منه ، فيكون على ما سنذكره .  
وأما الجواب عن قياسهم أنه نكاح بولي : فلا نسلم أنه يكون وليا لها إذا تزوجها : لما ذكرنا من زوال معنى الولاية عنه ، ثم المعنى في الأصل أن الباذل غير العائل .  
وأما الجواب عن استدلالهم بأنه كفء لها لمناسبته ، فلم يحتج إلى ولي يلتمس الكفاءة ، وهي ليست معتبرة بالنسب وحده ، وقد يجوز أن لا يكافئها فيما سوى النسب من مال وعفاف .  
				
						
						
