الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو وطئ رجل جارية ابنه ، فأولدها كان عليه مهرها وقيمتها ( قال المزني ) : قياس قوله أن لا تكون ملكا لأبيه ولا أم ولد بذلك ، وقد أجاز أن يزوجه أمته فيولدها ، فإذا لم يكن له بأن يولدها من خلال أم ولد بقيمة فكيف بوطء حرام ؟ وليس بشريك فيها فيكون في معنى من أعتق شركا له في أمة وهو لا يجعلها أم ولد للشريك إذا أحبلها وهو [ ص: 176 ] معسر وهذا من ذلك أبعد ( قال ) وإن لم يحبلها فعليه عقرها ، وحرمت على الابن ، ولا قيمة له بأن حرمت عليه ، وقد ترضع امرأة الرجل بلبنه جاريته الصغيرة ، فتحرم عليه ولا قيمة له " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها في رجل وطئ جارية ابنه فقد أثم بوطئه لقول الله تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم [ المؤمنون : 5 ، 6 ] . ولا ملك يمين ، فلم يحل له وطئها ، فإن قيل : فلو كان هذا الأب من يستحق على ابنه أن يعفه ، فكان له باستحقاق الإعفاف أن يطأ جاريته إذا منعه من الإعفاف ، كما إذا منع من حق أن يتوصل إلى استعفافه .

                                                                                                                                            قيل : لا يجوز له ذلك وإن منع من الإعفاف بعد استحقاقه : لأنه ليس يتعين حق إعفافه في هذه الأمة ، وإن للابن أن يعدل إلى إعفافه بغيرها من الإماء أو النساء ، فلذلك صارت مع استحقاقه محرمة ، وإذا كان كذلك لم يخل وطء الأب لها من أحد أمرين : إما أن يحبلها ، أو لا يحبلها ، فالكلام في وطئها يشتمل على أربعة أحكام :

                                                                                                                                            أحدها : في وجوب الحد .

                                                                                                                                            والثاني : في وجوب المهر .

                                                                                                                                            والثالث : في ثبوت التحريم .

                                                                                                                                            والرابع : في وجوب القيمة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية