فصل : [ القول في ] وجوب المهر على من وطئ جارية ابنه
أما الفصل الثاني : في وجوب المهر ، فهو معتبر بوجود الحد وسقوطه ، فإن قلنا : إنه لا حد عليه ، فعليه مهر المثل : لكونه وطء شبهة في حقه يوجب درء الحد ، فاقتضى لزوم المهر : لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ويكون المهر حقا لابنه عليه : لأنه من اكتساب أمته ، وإن قلنا : إن الحد واجب عليه ، فقد سقطت شبهته في حق نفسه ، فينظر في شبهة الأمة ، فإن كانت مكرهة قهرها الأب على نفسها ثبت شبهتها في سقوط الحد عنها ، فوجب المهر في وطئها ، وإن لم يكن لها شبهة في حق نفسها ، وكانت مطاوعة ، فلو كانت حرة لما وجب المهر ، وإذ هي أمة ، ففي وجوب المهر قولان : فلها المهر بما استحل من فرجها
أحدهما : لا مهر لها : لأنها بالمطاوعة قد صارت بغيا . وهذا اختيار وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مهر البغي أبي إسحاق المروزي .
والقول الثاني : لها المهر ويملكه الابن : لأنه من أكسابه ، فلم يسقط بمطاوعتها ، وخالفت الحرة التي تملك ما أباحته من نفسها ولا تملكه الأمة ، ألا ترى أن الحرة لو بذلت [ ص: 178 ] قطع طرف من أطرافها لم يضمنه القاطع : لأن الباذل له مالك ، ولو بذلته الأمة ضمنه القاطع : لأن الباذل له غير مالك ، وهذا اختيار ابن سريج .