الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : [ القول في وجوب المهر على من وطئ جارية ابنه ]

                                                                                                                                            أما الفصل الثاني : في وجوب المهر ، فهو معتبر بوجود الحد وسقوطه ، فإن قلنا : إنه لا حد عليه ، فعليه مهر المثل : لكونه وطء شبهة في حقه يوجب درء الحد ، فاقتضى لزوم المهر : لقول النبي صلى الله عليه وسلم : فلها المهر بما استحل من فرجها ويكون المهر حقا لابنه عليه : لأنه من اكتساب أمته ، وإن قلنا : إن الحد واجب عليه ، فقد سقطت شبهته في حق نفسه ، فينظر في شبهة الأمة ، فإن كانت مكرهة قهرها الأب على نفسها ثبت شبهتها في سقوط الحد عنها ، فوجب المهر في وطئها ، وإن لم يكن لها شبهة في حق نفسها ، وكانت مطاوعة ، فلو كانت حرة لما وجب المهر ، وإذ هي أمة ، ففي وجوب المهر قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا مهر لها : لأنها بالمطاوعة قد صارت بغيا وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مهر البغي . وهذا اختيار أبي إسحاق المروزي .

                                                                                                                                            والقول الثاني : لها المهر ويملكه الابن : لأنه من أكسابه ، فلم يسقط بمطاوعتها ، وخالفت الحرة التي تملك ما أباحته من نفسها ولا تملكه الأمة ، ألا ترى أن الحرة لو بذلت [ ص: 178 ] قطع طرف من أطرافها لم يضمنه القاطع : لأن الباذل له مالك ، ولو بذلته الأمة ضمنه القاطع : لأن الباذل له غير مالك ، وهذا اختيار ابن سريج .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية