الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن تحريم الأم على الإطلاق وتحريم الربيبة مشروط بالدخول ، فقد اختلف الناس في الدخول الذي تحرم به الربيبة .

                                                                                                                                            فقال أبو حنيفة : هو النظر إلى فرج الأم بشهوة ، فتحرم به الربيبة ، وقال عطاء وحماد : هو التعيش والقعود بين الرجلين .

                                                                                                                                            وقال الشافعي : إن الدخول الذي تحرم به الربيبة يكون بالمباشرة وله فيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه الوطء في الفرج .

                                                                                                                                            والثاني : أنه القبلة والملامسة بشهوة ، وإن لم يطأ .

                                                                                                                                            واستدل أبو حنيفة : بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها . قال : ولأنه تفرع استمتاع ، فجاز أن يتعلق به تحريم المصاهرة كالوطء .

                                                                                                                                            [ ص: 209 ] ودليلنا قوله تعالى : من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ولا يطلق اسم الدخول إلا على المباشرة دون النظر : ولأنه استمتاع لا يوجب الغسل فلم يوجب تحريم المصاهرة ، كالنظر إلى وجهها : ولأن النظر إلى الوجه والبدن أبلغ في اللذة والاستمتاع من النظر إلى الفرج ، فإذا كان لا يحرم فما دونه أولى ، فأما الخبر فرواية حفص بن غياث ، عن ليث ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله موقوفا ، وعلى أنه محمول على الوطء ، فكنى عنه بالنظر إلى الفرج .

                                                                                                                                            وأما قياسهم فمنتقض بالنظر إلى الوجه ، ثم المعنى في الأصل أنه يوجب الغسل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية