الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " في نثر الجوز واللوز والسكر في العرس ، لو ترك كان أحب إلي ؛ لأنه يؤخذ بخلسة ونهبة ، ولا يبين أنه حرام ، إلا أنه قد يغلب بعضهم بعضا ، فيأخذ من غيره أحب إلى صاحبه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما نثر السكر واللوز في العرس ، أو غير ذلك من طيب أو دراهم ، فمباح إجماعا ، اعتبارا بالعرف الجاري فيه ؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين زوج عليا بفاطمة رضي الله عنها نثر عليهما ، لكن اختلف الفقهاء في استحبابه وكراهيته ، فذهب أبو حنيفة [ ص: 566 ] إلى أنه مستحب ، وفعله أولى من تركه ؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النثر ، فقال : هبة مباركة .

                                                                                                                                            وقال بعض أصحابنا : هو مباح ليس بمستحب ولا مكروه ، وفعله وتركه سواء ، وقال سائر أصحابنا - وهو الظاهر من مذهب الشافعي - : أنه مكروه وتركه أفضل من فعله ؛ لأمور :

                                                                                                                                            أحدها : أنه قد يوقع بين الناس ؛ تناهبا وتنافرا ، وما أدى إلى ذلك فهو مكروه .

                                                                                                                                            والثاني : أنه قد لا يتساوى الناس فيه ، وربما حاز بعضهم أكثره ، ولم يصل إلى آخرين شيء منه ، فتنافسوا .

                                                                                                                                            والثالث : أنه قد يلجأ الناس فيه إلى إسقاط المروءات إن أخذوا ، أو يتسلط عليهم السفهاء إن أمسكوا ، وقد كانت الصحابة ومن عاصر الرسول صلى الله عليه وسلم أحفظ للمروءات وأبعد للتنازع والتنافس ، فلذلك كره النثار بعدهم ، وإن لم يكره في زمانهم ، وعادة أهل المروءات في وقتنا أن يقتسموا ذلك بين من أرادوا أو يحملوا إلى منازلهم ، فيخرج عن حكم النثر إلى الهدايا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية