مسألة : قال  الشافعي      : " وتوفي صلى الله عليه وسلم عن تسع ، وكان يقسم لثمان ، ووهبت سودة يومها  لعائشة  رضي الله عنهن ، ( قال  الشافعي      ) : وبهذا نقول " .  
قال  الماوردي      : اعلم أن  القسم من حقوق الآدميين يجب بالمطالبة ، ويسقط بالعفو   ، ولا يجوز المعارضة على تركه كالشفعة ، ويجوز هبته ؛ لما روي  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات عن تسع زوجات ، وكان يقسم لثمان منهن ؛  لأن   سودة بنت زمعة  أراد طلاقها لعلو سنها ، واستثقال القسم لها ، فلما علمت ذلك أتته ، فقالت : يا رسول الله قد أحببت أن أحشر في جملة نسائك ، فأمسكني فقد وهبت يومي منك  لعائشة     - رضي الله تعالى عنها - تريد بذلك التقرب إليه لعلمها بشدة ميله إلى  عائشة     - رضي الله تعالى عنها - فصار يقسم  لعائشة     - رضي الله تعالى عنها - يومين ؛ يومها ويوم   سودة  ، ويقسم لغيرها من نسائه يوما يوما .  
قال  ابن عباس      : فنزل عليه في ذلك قوله تعالى :  فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير      [ النساء : 128 ] . فدل هذا الخبر على وجوب القسم ، ودل على جواز هبته .  
واختلف أصحابنا في وجوب القسم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع إجماعهم على وجوب القسم على أمته على وجهين :  
أحدهما : كان واجبا عليه ؛ لهذا الخبر ، ولما رويناه أنه كان يقسم بينهن ، ويقول :  اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تؤاخذني فيما لا أملك  يعني قلبه ، وطيف به في مرضه على نسائه محمولا حتى حللنه من القسم ، فدل على وجوب القسم عليه ، وعلى جميع أمته .  
والوجه الثاني : أنه غير واجب عليه ، وإن كان واجبا على أمته . وهذا قول  أبي سعيد الإصطخري ؛   لقول الله تعالى :  ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء      [ الأحزاب : 51 ] ، ولأن وجوب القسم عليه يقطعه على التشاغل بتبليغ الرسالة ، وتوقع الوحي ، وبهذا المعنى فارق جميع أمته .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					