فصل
، ففي الحنث قولا حنث الناسي والجاهل ، وإن علم أنه فيهم [ ص: 80 ] ونوى السلام عليه معهم ، حنث ، وفيه ما حكينا عن البيان فيما لو حلف لا يكلمه ، فسلم على قوم هو فيهم وقصده ، فأما إذا استثناه بلفظه فقال : السلام عليكم إلا على زيد ، فلا يحنث . وإن استثناه بنيته ، لم يحنث أيضا على المذهب . وإن أطلق ، حنث على الأظهر . ولو حلف : لا يدخل على زيد ، فدخل على قوم هو فيهم فاستثناه بقلبه ، وقصد الدخول على غيره ، حنث على المذهب . والفرق بينه وبين السلام ، أن الدخول فعل لا يدخله الاستثناء ، فلا ينتظم أن يقول : دخلت عليكم إلا على فلان ، ويصح أن يقول : سلام عليكم إلا على فلان . ولو دخل بيتا فيه زيد ، ولم يعلم أنه فيه ، ففي حنثه قولا الجاهل والناسي . ولو كان في جماعة ولم يعلم به فأولى بعدم الحنث ، وإن دخل لشغل ، ولم يعلم أنه في البيت ، فأولى بعدم الحنث لانضمام قصد الشغل إلى الجهل . قال الإمام : نص حلف : لا يسلم على زيد ، فسلم على قوم هو فيهم ، ولم يعلم أنه فيهم - رحمه الله - في هذه الصورة أنه لا يحنث ، وخرج الشافعي الربيع قولا ، وجعله كالناسي . ولو علم أنه في البيت ، وقصد الدخول لشغل ، فقيل : يحنث قطعا . وقيل : هو كما لو دخل على قوم هو فيهم واستثناه بقلبه ولو كان الحالف في بيت ، فدخل عليه زيد ، فإن خرج الحالف في الحال ، لم يحنث ، وإلا ، فقيل : لا يحنث ، وقيل : فيه خلاف بناء على أن استدامة الدخول هل هي دخول ؟ وأجاب ابن الصباغ عن هذا بأن الاستدامة إن جعلت دخولا كانا كالداخلين معا ، فلا يكون أحدهما داخلا على الآخر .
قلت : الذي قاله ابن الصباغ حسن ، والمذهب أنه لا يحنث . قال القاضي أبو الطيب : ونص عليه في " الأم " . - والله أعلم - .
[ ص: 81 ]