الخامسة : ، وهل لحكمه بينهما اعتبار ، قولان أظهرهما عند الجمهور نعم ، وخالفهم الإمام هل يجوز أن يحكم الخصمان رجلا غير القاضي ، فرجحا المنع ، وقيل القولان في الأموال فقط ، فأما النكاح واللعان ، والقصاص ، وحد القذف وغيرها ، فلا يجوز فيها التحكيم قطعا ، والمذهب طرد القولين في الجميع ، وبه قطع الأكثرون ، ولا يجزئ في حدود الله تعالى على المذهب ، إذ ليس لها طالب معين ، وفي " التهذيب " وغيره ما يقضي ذهاب بعضهم إلى طرد الخلاف فيها وليس بشيء ، وقيل القولان في التحكيم في حقوق الآدميين مخصوصان بما إذا لم يكن في البلد قاض ، فإن كان لم يجز ، وقيل : هما إذا كان [ ص: 122 ] قاض وإلا فيجوز قطعا والمذهب طردهما في الحالين ، فإذا جوزنا التحكيم اشترط في المحكم صفات القاضي ، ولا ينفذ حكمه إلا على من رضي بحكمه حتى لا تضرب دية الخطأ على العاقلة إذا لم يرضوا بحكمه ، ولا يكفي رضى القاتل ، وقيل : يكفي ، والعاقلة تبع له ، والصحيح الأول . والغزالي
قال السرخسي : الخلاف مخصوص بقولنا تجب الدية على الجاني ، ثم تحملها العاقلة ، فإن قلنا : تجب عليها ابتداء لم تضرب عليهم إلا برضاهم قطعا وهذا حسن .
قال السرخسي : وإنما يشترط رضا المتحاكمين إذا لم يكن أحدهما القاضي نفسه ، فإن كان ، فهل يشترط رضا الآخر ؟ فيه اختلاف نص ، والمذهب أنه لا يشترط ، وليكن هذا مبنيا على جواز الاستخلاف إن جاز ، فالمرجوع إليه نائب القاضي .
قال : ويشترط على أحد الوجهين كون المتحاكمين بحيث يجوز للمحكم أن يحكم لكل واحد منهما ، فإن كان أحدهما ابنه أو أباه ، لم يجز .
وليس للمحكم الحبس ، بل غايته الإثبات والحكم وقيل : يحبس وهو شاذ وهل يلزم حكمهما بنفس الحكم كحكم القاضي أم لا يلزمه إلا بتراضيهما بعد الحكم ؟ فيه قولان ، ويقال : وجهان ، أظهرهما الأول ، ومتى رجع أحدهما قبل الحكم ، امتنع الحكم حتى لو أقام المدعي شاهدين ، فقال المدعى عليه : عزلتك ، لم يكن له أن يحكم .
وقال الإصطخري : إن أحس المدعى عليه بالحكم فرجع ، ففي تمكينه من الرجوع وجهان خرجهما ، والمذهب الأول ، وإذا جوزنا التحكيم في غير الأموال ، فخطب امرأة ، وحكما رجلا في التزويج ، كان له أن يزوج قال الروياني : وهذا هو الأصح ، واختيار الأستاذين ، أبي إسحاق الإسفراييني وأبي طاهر الزيادي وغيرهما من المشايخ ، وإنما يجوز فيه التحكيم إذا لم يكن لها ولي [ ص: 123 ] خاص من نسيب أو معتق ، وشرط في بعض الشروح أن لا يكون هناك قاض ، وحكى صاحب العدة القاضي أبو المكارم الطبري ابن أخت الروياني وجهين في اشتراطه . وليكن هذا مبنيا على الخلاف في أنه هل يفرق في التحكيم بين أن يكون في البلد قاض أم لا ، وإذا رفع حكم المحكم إلى القاضي ، لم ينقضه إلا بما ينقض قضاء غيره .