الأدب الخامس : وكمال عقله لغضب أو جوع أو شبع مفرطين أو مرض مؤلم ، وخوف مزعج ، وحزن وفرح شديدين ، وغلبة نعاس أو ملال أو مدافعة أحد الأخبثين ، أو حضور طعام يتوق إليه ، ثم قال الإمام يكره أن يقضي في كل حال يتغير فيه خلقه والبغوي وغيرهما : الكراهة فيما إذا لم يكن الغضب لله تعالى ، وظاهر كلام آخرين أنه لا فرق ، ولو قضى في هذه الحال ، نفذ .
فصل
إذا ، لزمه إجابته . ولو أقام بينة بما ادعاه ، وسأل القاضي الإشهاد عليه ، لزمه أيضا في الأصح ، ولو حلف المدعى عليه ، وإن سأله الإشهاد ليكون حجة له ، فلا يطالبه مرة أخرى ، لزمه إجابته ، وسأله أحد المتداعيين أن يكتب له محضرا بما جرى ليحتج به إذا احتاج ، نظر إن لم يكن عنده قرطاس من بيت المال ، ولم يأت به الطالب ، لم يلزمه إجابته وإن كان فهل يجب أم يستحب ؟ وجهان أصحهما : الاستحباب ؛ لأن أقر المدعى عليه أو نكل ، فحلف المدعي ، ثم يسأل المدعي القاضي أن يشهد على أنه أقر عنده أو نكل ، وحلف المدعي ، وإن طلب أن يحكم له بما ثبت ، لزمه الحكم ، فيقول : حكمت له به ، أو أنفذت الحكم به ، أو ألزمت خصمه الحق ، وإذا حكم ، فطلب الإشهاد على حكمه ، لزمه الإشهاد ، وإن طلب أن يكتب له به سجلا ، فعلى التفصيل والخلاف المذكور في كتابة [ ص: 140 ] المحضر ، ونقل الحق يثبت بالشهود لا بالكتاب وجها ثالثا أنه يجب ابن كج . فلا يجب في الحال والحقوق الخاصة ، وسواء أوجبنا الكتابة أم استحببناها ، فيحتاج إلى بيان المكتوب ، وأنه كيف يضبط ويحفظ ، أما الأول ، فالمكتوب محضر وسجل ، أما المحضر ، فصورته : بسم الله الرحمن الرحيم ، حضر القاضي فلان ابن فلان ، وأحضر معه فلان ابن فلان ، ويرفع في نسبهما ما يفيد التمييز ، وهذا إذا عرفهما القاضي . ويستحب مع ذلك التعرض لحليتهما طولا وقصرا في القد ، وسمرة وشقرة في الوجه ، ويصف منهما الحاجب والعين والفم والأنف . التسجيل في الدين المؤجل والوقوف وأموال المصالح
وإن لم يعرفهما ، كتب : حضر رجل ذكر أنه فلان ابن فلان ، وأحضر معه رجلا ذكر هذا المحضر أنه فلان ابن فلان ابن فلان ، ولا بد والحالة هذه من التعرض لحليتهما ، ثم يكتب : وادعى عليه كذا من عين أو دين بصفتهما ، فأقر المدعى عليه بما ادعى ، فإن أنكر وأقام المدعي بينة كتب ، فأحضر المدعي فلانا وفلانا شاهدين ، وسأل القاضي استماع شهادتهما ، فسمعها في مجلس حكمه ، وثبت عنده عدالتهما ، وسأله أن يكتب محضرا بما جرى ، فأجابه إليه ، وذلك في تاريخ كذا ، ويثبت على رأس المحضر علامته من الحمدلة وغيرها ، ويجوز أن يبهم الشاهدين فيكتب : وأحضر عدلين شهدا له بما ادعاه ، ولو كان مع المدعي كتاب فيه خط الشاهدين ، كتب تحت خطهما : شهدا عندي بذلك ، وأثبت علامته في رأس الكتاب ، واكتفى به عن المحضر ، جاز ، وإن كتب المحضر وضمنه ذلك الكتاب ، جاز ، وعلى هذا قياس محضر يذكر تحليف المدعى عليه أو المدعي بعد نكول المدعى عليه .
وأما : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أشهد عليه فلان القاضي بموضع كذا في تاريخ كذا أنه ثبت عنده كذا ، فأقر فلان لفلان ، أو بشهادة فلان وفلان ، وقد ثبتت عدالتهما عنده ، أو بيمينه [ ص: 141 ] بعد نكول المدعى عليه ، وأنه حكم بذلك لفلان على فلان ، وأنفذه بسؤال المحكوم له . السجل ، فصورته
ويجوز أن يكتب : ثبت عنده ما في كتاب هذه نسخته ، وينسخ الكتاب إلى آخره ، ثم يكتب : وإنه حكم بذلك . وكيفية التعرض لنسب المتداعيين وحليتهما على ما ذكرنا في المحضر .
وفي تعليق الشيخ أبي حامد أن لم يجوز ابن خيران ، والصحيح الأول ، للقاضي التسجيل إذا لم يعرف المتداعيين ، فليكن النظر لذلك ، كالتحمل للشهادة ، وأما أنه كيف يضبط ويحفظ ، فينبغي للقاضي أن يجعل المحاضر والسجلات نسختين يدفع إلى صاحب الحق إحداهما غير مختومة ، وتحفظ الأخرى في ديوان القضاء مختومة ، ويكتب على رأسها اسم الخصمين ، ويضعها في خريطة أو قمطر ، وهو السفط الذي يجمع فيه المحاضر والسجلات ، ويكون بين يديه إلى آخر المجلس ، فإذا أراد أن يقوم ، ختمه بنفسه ، أو ختمه أمين وهو ينظر ، ثم أمر بحمله إلى موضعه ، ثم يدعو به في اليوم الثاني وينظر في الختم ، ويفكه بنفسه أو يفكه أمينه وهو ينظر ويضع فيه كتب اليوم الثاني كما ذكرنا ، وهكذا يفعل حتى يمضي الأسبوع ، فإن كثرت ، جعلها إضبارة وكتب عليها : خصومات أسبوع كذا من شهر كذا من سنة كذا وسجلاته ، ويعزلها . وإن لم يكتب تركها حتى يمضي شهر ، ثم يعزلها ، فإذا مضت سنة ، جمعها ، وكتب عليها : كتب سنة كذا . ليسهل الوقوف عليها عند الحاجة ، ويجعلها في موضع لا يعلمه غيره ، وإذا احتاج إلى شيء منها تولى أخذه بنفسه ، ونظر أولا إلى ختمه وعلاماته . وإذا كان المتداعيان ، أو أحدهما امرأة ، واحتاج إلى إثبات الحلية
فرع
قال الهروي : إن أوجبنا التسجيل على القاضي ، لم يجز له أخذ [ ص: 142 ] الأجرة عليه ، وإلا فيجوز . وأطلق بعضهم القول بالجواز ، وهو موافق لمنع الوجوب ، وهو الأصح ، وكذا استئجار المفتي ليكتب الفتوى .