فصل
سبق أن لإنهاء حكم القاضي إلى قاض آخر طريقين ، أحدهما : المكاتبة وسبق .
والطريق الثاني ، وتتصور من أوجه . أحدها : أن يجتمع القاضي الذي حكم ، وقاضي بلد الغائب في غير البلدين ، ويخبره بحكمه . المشافهة
والثاني : أن ينتقل الذي حكم إلى بلد الغائب ، ويخبره ، ففي الحالين لا يقبل قوله ، ولا يمضي حكمه ؛ لأن إخباره في غير موضع ولايته ، كإخبار القاضي بعد العزل .
[ ص: 184 ] والثالث : أن يحضر قاضي بلد الغائب في بلد الذي حكم فيخبره ، فإذا عاد إلى محل ولايته ، فهل يمضيه ، إن قلنا : يقضي بعلمه فنعم ، وإلا فلا على الأصح ، كما لو قال ذلك القاضي : سمعت البينة على فلان بكذا ، فإنه لا يترتب الحكم عليه إذا عاد إلى محل ولايته .
والرابع : أن يكونا في محل ولايتهما ، بأن وقف كل واحد في طرف محل ولايته ، وقال الحاكم : حكمت بكذا فيجب على الآخر إمضاؤه ؛ لأنه أبلغ من الشهادة والكتاب ، وكذا لو كان في البلد قاضيان وجوزناه ، فقال أحدهما للآخر : حكمت بكذا فإنه يمضيه ، وكذا إذا قاله القاضي لنائبه في البلد وبالعكس .
ولو خرج القاضي إلى قرية له فيها نائب ، فأخبر أحدهما الآخر بحكمه أمضاه الآخر ؛ لأن القرية محل ولايتهما ، ولو دخل النائب البلد ، فقال للقاضي : حكمت بكذا لم يقبله ، ولو قال له القاضي : حكمت بكذا في إمضائه إياه ، إذا عاد إلى قريته الخلاف [ في ] القضاء بالعلم .
فرع
إذا حكم القاضي بحق ، وشافه به واليا غير قاض ليستوفيه ، فله أن يستوفي في محل ولاية القاضي ، وكذا خارجه على الصحيح . ولو كاتب القاضي واليا غير قاض ، فإن كان صالحا للقضاء وقد فوض إليه الإمام نظر القضاة وتولية من يراه ، جازت مكاتبته ، كما تجوز مكاتبة الإمام الأعظم ، نص عليه في " المختصر " وإن لم يكن صالحا ، أو كان ، ولم يفوض إليه نظر القضاة ، لم تجز مكاتبته ؛ لأن سماع البينة يختص بالقضاة .