فصل
، فلخصمه حالان . من أتى القاضي مستعديا على خصم ليحضره
الأولى : أن يكون بالبلد وظاهرا يمكن إحضاره ، فيجب إحضاره ، وقال ابن سريج : يحضر ذوي المروءات في داره لا في مجلسه ، والصحيح أنه لا فرق . ثم الإحضار قد يكون بختم من طين رطب أو غيره يدفعه إلى المدعي ، ليعرضه على الخصم . وليكن مكتوبا عليه : أجب القاضي فلانا ، وقد يكون بشخص من الأعوان المرتبين على باب القاضي ، وتكون مؤنته على الطالب إن لم يكن لهم رزق من بيت المال ، وإن بعث الختم ، فلم يجب ، بعث إليه العون ، وإن ثبت عند القاضي امتناعه بلا عذر ، أو ثبت سواد به بكسر الختم ونحوه ، استعان على إحضاره بأعوان [ ص: 195 ] السلطان ، فإذا حضر عزره بما يراه ، وتكون مؤنة المحضر والحالة هذه على المطلوب ، لامتناعه . وقيل : على المدعي ، والصحيح الأول ، فإن اختفى بعث من ينادي على باب داره أنه إن لم يحضر إلى ثلاث سمر باب داره ، أو ختم عليه ، فإن لم يحضر بعد الثلاث ، وسأل المدعي التسمير أو الختم ، أجابه إليه ، وينبغي أن يتقرر عنده أن الدار داره ، وإذا عرف له موضع قال : يبعث القاضي جماعة من النسوة والصبيان والخصيان يهجمون عليه على هذا الترتيب ، ويفتشون . ابن القاص
ومتى كان للمطلوب عذر مانع من الحضور ، لم يكلف ، بل يبعث إليه من يحكم بينه وبين خصمه ، أو يأمره بنصب وكيل ليخاصم عنه ، فإن وجب تحليفه ، بعث إليه من يحلفه ، والعذر كالمرض ، أو حبس ظالم ، أو الخوف منه ، وفي المرأة المخدرة خلاف سيأتي - إن شاء الله تعالى .
الحالة الثانية : أن يكون خارج البلد ، فينظر إن كان خارجا عن محل ولاية القاضي لم يكن له أن يحضره ، وإن كان فيها ، فإن كان له في ذلك الموضع نائب ، لم يحضره ، بل يسمع البينة ويكتب إليه ، هذا هو الصحيح ، وقيل : يلزم إحضاره إذا طلب الخصم ، وقيل : يتخير بين الأمرين ، ذكره السرخسي في " الأمالي " وإن لم يكن هناك ، فثلاثة أوجه . أحدهما - وبه قطع العراقيون - : يحضره قربت المسافة أم بعدت ، لكن له أن يبعث إلى بلد المطلوب من يحكم بينه وبين المستعدي ، والثاني : إن كان دون مسافة القصر أحضره ، وإلا فلا ، والثالث : إن كان على مسافة العدوى ، أحضره وإلا فلا ، وهذا أصح عند الإمام .
وإذا قلنا : لا يحضره إذا كان هناك حاكم ، فكذا لا يحضره إذا كان ( هناك ) من يتوسط ويصلح بينهما ، بل يكتب إليه أن يتوسط ويصلح ، فإن تعذر فحينئذ يحضره ، وحيث قلنا : يحضر الخارج عن البلد ، فذكر الإمام ، وصاحب العدة أنه إنما يحضره إذا أقام المدعي بينة على [ ص: 196 ] ما يدعيه ، فقد لا يكون له حجة فيتضرر الخصم بالإحضار ، لكن قد لا يكون له حجة ، ويقصد تحليفه لعله ينزجر فيقر ، ولم يتعرض الجمهور لما ذكره ، لكن قالوا : يبحث القاضي عن جهة دعواه ، فقد يريد مطالبته بما لا يعتقده ، كذمي أراد مطالبة مسلم بضمان خمر ، بخلاف الحاضر في البلد لا يحتاج إلى البحث في إحضاره ؛ لأنه ليس في الحضور عليه مشقة شديدة ولا مؤنة . والغزالي
فرع
لو ، وهل يشترط أمن الطريق ونسوة ثقات ، وهل على القاضي أن يبعث إليها محرما لها لتحضر معه ؟ قال استعدى على امرأة خارجة عن البلد هل يحضرها أبو العباس الروياني في كل ذلك وجهان الأصح أن يبعث إليها محرما أو نسوة ثقات .