فرع
الخمر العينية لم يشبها ماء ولا طبخت بنار محرمة بالإجماع ، ، سواء شرب قدرا يسكره أم لا ، قال أصحابنا العراقيون : وكذا حكم بائعها ومشتريها في رد شهادتهما ، ولا ترد الشهادة بإمساكها ؛ لأنه قد يجوز أن يقصد به التخلل أو التخليل ، وأما المطبوخ من عصير العنب المختلف في تحريمه ، وسائر الأنبذة ، فإن شرب منها القدر المسكر ، حد وردت شهادته ، وإن شرب قليلا وهو يعتقد إباحته كالحنفي ، ففيه أوجه ، الأصح المنصوص : يحد ، ولا ترد شهادته ، والثاني : ترد ويحد ، والثالث : لا ترد ولا يحد ، واحتج الأصحاب للأصح بأن الحد إلى الإمام ، فاعتبر اعتقاده ، والشهادة تعتمد اعتقاد الشاهد ، ولهذا لو غصب جارية ووطئها معتقدا أنه يزني بها ، فبان أنها ملكه ، فسق وردت شهادته ، ولو وطئ جارية غيره يعتقدها جاريته ، لم ترد شهادته ، ولأن الحد للزجر ، والنبيذ يحتاج إلى زجر ، ورد الشهادة لسقوط الثقة بقوله . ومن شربها عامدا عالما بحالها ، حد وردت شهادته
ولا يوجد ذلك إذا لم يعتقد التحريم ، وأما إذا شربه من يعتقد تحريمه ، فالمذهب أنه يحد ، وترد شهادته ، وعن القفال أن من نكح بلا ولي ووطئ ، لا ترد شهادته إن اعتقد الحل ، وترد إن اعتقد التحريم ، وعلى هذا قياس سائر المجتهدات ، ولكن عن نص - رحمه الله - أنه [ ص: 232 ] لا ترد شهادة مستحل نكاح المتعة والمفتي به والعامل به ونقل القاضي الشافعي أبو الفياض مثله .
قلت : قال ابن الصباغ : قال في " الأم " إذا أخذ من النثار في الفرح لا ترد شهادته ؛ لأن من الناس من يحل ذلك ، وأنا أكرهه . قال في " الأم " : ومن ثبت أنه يحضر الدعوة بغير دعاء من غير ضرورة ، ولا يستحل صاحب الطعام ، وتكرر ذلك منه ، ردت شهادته ؛ لأنه يأكل محرما إذا كانت الدعوة دعوة رجل من الرعية ، وإن كانت دعوة سلطان ، أو من يتشبه بالسلطان فهذا طعام عام ، فلا تأثير به . قال ابن الصباغ : وإنما اشترط تكرر ذلك ؛ لأنه قد يكون له شبهة حتى يمنعه صاحب الطعام ، فإذا تكرر ، صار دناءة ، وقلة مروءة . والله أعلم .