[ ص: 190 ] الثالث : . وهو : اعتقاد الشيء حسنا ، ثم قد قيل في تعريفه : إنه دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يقدر على التعبير عنه ، وهو هوس ، إذ ما هذا شأنه لا يمكن النظر فيه لتستبان صحته من سقمه . الاستحسان
وقيل : ما استحسنه المجتهد بعقله ، فإن أريد مع دليل شرعي فوفاق ، وإلا منع ، إذ لا فرق بين العالم والعامي إلا النظر في أدلة الشرع ، فحيث لا نظر فلا فرق ، ويكون حكما بمجرد الهوى واتباعا للشهوة فيه ، وأيضا ما ذكروه ليس عقليا ضروريا ولا نظريا ، وإلا لكان مشتركا ، ولا سمعيا ، إذ تواتره مفقود وآحاده كذلك ، أو لا يفيد .
قالوا : فيتبعون أحسنه اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم ، ما رآه المسلمون حسنا واستحسنت الأمة دخول الحمام من غير تقدير أجرة ونحوه .
قلنا : أحسن القول والمنزل ما قام دليل رجحانه شرعا ، والخبر دليل الإجماع لا الاستحسان ، وإن سلم فالجواب عنه ما ذكر ، وسومح في مسألة الحمام ونحوها لعموم مشقة التقدير فيعطى الحمامي عوضا إن رضيه وإلا زيد ، وهو منقاس ، وأجود ما قيل فيه : أنه العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل شرعي خاص ، وهو مذهب أحمد .
وقد قرر محققو الحنفية الاستحسان على وجه بديع في غاية الحسن واللطافة ، ذكرنا المقصود منه غير هاهنا ، والله أعلم .