السبب الخامس : أن يدفع بالشهادة عن نفسه عار الكذب ، فإن شهد فاسق ، ورد القاضي شهادته ، ثم تاب بشرط التوبة ، فشهادته المستأنفة مقبولة بعد ذلك ، ولو أعاد تلك الشهادة التي ردت ، لم تقبل ، وقال المزني : تقبل .
ولو شهد كافر أو عبد أو صبي ، فردت شهادته ، ثم كمل فأعادها ، قبلت ، لعدم تهمتهم بدفع العار بخلاف الفاسق ، فإن كان يخفي فسقه ، والرد يظهره ، فيسعى في دفع العار بإعادة الشهادة ، فلو كان معلنا بفسقه حين شهد ، ففي قبول شهادته [ ص: 242 ] المعادة بعد التوبة وجهان ، أصحهما عند الأكثرين : لا يقبل أيضا ، وإنما يجيء الوجهان إذا أصغى القاضي إلى شهادته مع ظهور فسقه ، ثم ردها . وفي الإصغاء وجهان ، أصحهما - وبه قال الشيخ أبو محمد ، واستحسنه الإمام - : لا يصغي ، كشهادة العبد والصبي .
ولو كان الكافر يستتر بكفره ، وردت شهادته ، ثم أسلم وأعادها ، لم تقبل على الأصح ، ولو ردت شهادته لعداوة ، فزالت ، وأعادها ، لم تقبل على الأصح ، ويجريان فيما لو شهد لمكاتبه بمال ، أو لعبده بنكاح ، فردت فأعادها بعد عتقهما ، وأجاب هنا بالقبول ، ويجريان فيما لو شهد اثنان من الشفعاء بعفو شفيع ثالث قبل عفوهما ، فردت شهادتهما ، ثم عفوا ، وأعاداها ، وفيما شهد اثنان لمورثهما بجراحة غير مندملة ، فردت ، ثم أعادها بعد الاندمال ، ولو شهد فرعان على شهادة أصل ، فردت شهادتهما لفسق الأصل ، فقد صارت شهادة مردودة . فلو تاب ، وشهد بنفسه ، وأعاد الفرعان شهادتهما على شهادته ، أو شهد على شهادته فرعان آخران ، لم تقبل ، ولو ردت شهادة الفرعين ، لفسقهما ، لم تتأثر به شهادة الأصل . ابن القاص