الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما الكفار فخوطبوا بها من جهة ما هي تنعم ولذة وسرور ، ولم تسم في حقهم نعمة على الخصوص ، وإنما تسمى نعمة باعتبار أنها نعمة في حق عموم بني آدم ، لأن المؤمن سعد بها في الدنيا والآخرة ، والكافر تنعم بها في الدنيا .

وذلك أن كفر الكافر نعمة في حق المؤمنين ، فإنه لولا وجود الكفر والفسوق والعصيان ، ولولا وجود شياطين الإنس والجن ، لم يحصل للمؤمنين من بغض هذه الأمور ومعاداتها ومجاهدة أهلها ومخالفة الهوى فيها ، ما ينالون به علي الدرجات وعظيم الثواب . والإنسان فيه قوة الحب وقوة البغض ، وسعادته في أن يحب ما يحبه الله ويبغض ما يبغضه الله ، فإن لم يكن في العالم ما يبغضه ويجاهد أصحابه لم يتم إيمانه وجهاده ، وقد قال تعالى : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا [ ص: 241 ] بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون [الحجرات :15] .

قالوا : ولو كانت هذه اللذات نعما مطلقا لكانت نعمة الله على أعدائه في الدنيا أعظم من نعمته على أوليائه ، ونعمة الله التي بدلوها كفرا هي إنزال الكتاب وإرسال الرسول ، حيث كفروا بها وجحدوا أنها حق ، كما قال علي رضي الله عنه : هما الأفجران من قريش .

وكذلك قوله : وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله [النحل :112] ، هم الذين كفروا بما أنزله الله من الكتاب وبالرسل ، وتلك نعمة الله العظيمة ، كما قال تعالى : وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ، أليس الله بأعلم بالشاكرين [الأنعام :53] ، وقال تعالى : أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا ، وسيجزي الله الشاكرين [آل عمران :144] .

التالي السابق


الخدمات العلمية