الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( أو ) لزمها عدتان ( لشخصين بأن ) أي كأن ( كانت في عدة زوج أو ) وطء ( شبهة فوطئت ) من آخر ( بشبهة أو نكاح فاسد أو كانت زوجة معتدة عن شبهة فطلقت ) ( فلا ) تداخل لتعدد المستحق بل تعتد لكل منهما عدة كاملة كما جاء عن البيهقي عن عمر وعلي ولم يعلم لهما مخالف من الصحابة .

                                                                                                                            وما نقل عن ابن مسعود مما يخالف ذلك لم يثبت .

                                                                                                                            نعم إن كانا حربيين فأسلمت مع الثاني أو أمنا فترافعا إلينا لغت بقية عدة الأول على الأصح وتكفيها عدة واحدة من حين وطء الثاني لضعف حق الحربي وإن نازع فيه البلقيني ( فإن كان ) أي وجد ( حمل ) من أحدهما ( قدمت عدته ) وإن تأخر كما في المحرر لأنها لا تقبل التأخير ففيما إذا كان من المطلق ثم وطئت بشبهة تنقضي عدة الطلاق بوضعه ثم بعد زمن النفاس تعتد بالأقراء للشبهة وله الرجعة قبل الوضع لا وقت وطء الشبهة بعقد أو غيره كما نقلاه عن الروياني وأقراه : أي لا في حال إبقاء فراش واطئها بأن لم يفرق بينهما وكذا فيما يأتي وسيعلم مما يأتي أن نية عدم العود إليها كالتفريق وذلك لأنها به صارت فراشا للواطئ فخرجت عن عدة المطلق واستشكال البلقيني بأن هذا لا يزيد على ما يأتي أن حمل وطء الشبهة لا يمنع الرجعة ممنوع بل يزيد عليه .

                                                                                                                            إذ مجرد وجود الحمل أثر عن وجود الاستفراش .

                                                                                                                            ولا شك أن المؤثر أقوى فلم يلزم من منعه الرجعة منع أثره لها لضعفه بالنسبة إليه ، وفي عكس ذلك تنقضي عدة الشبهة بوضعه ثم تعتد أو تكمل للطلاق ، وله الرجعة قبل وضع على أصح الوجهين كما صححه البلقيني وابن المقري وبعده لا تجديد قبل وضع على أصح الوجهين كما جزم به الماوردي .

                                                                                                                            وفارق الرجعة بأنه ابتداء نكاح فلم يصح في عدة الغير وهي شبيهة باستدامة النكاح فاحتمل وقوعها في عدة الغير ، ولو اشتبه الحمل فلم يدر أمن الزوج [ ص: 142 ] أم من الشبهة جدد النكاح مرتين قبل وضع مرة وبعده أخرى ليصادف التجديد عدته يقينا فلا يكفي تجديده مرة لاحتمال وقوعه في عدة غيره ، فإن بان بإلحاق القائف وقوعه في عدته كفى ، وللحامل المشتبه حملها نفقة مدة الحمل على زوجها إن ألحق القائف الولد به ما لم تصر فراشا لغيره بنكاح فاسد فتسقط نفقتها إلى التفريق بينهما لنشوزها ولا مطالبة لها قبل اللحوق إذ لا وجوب للشك ، فإن لم يلحقه به أو لم يكن قائف فلا نفقة عليه ولا للرجعية مدة كونها فراشا للواطئ ( وإلا ) أي وإن لم يكن حمل ( فإن سبق الطلاق ) وطأها بشبهة ( أتمت عدته ) لتقدمها وقوتها لاستنادها لعقد جائز ( ثم ) عقب عدة الطلاق ( استأنفت ) العدة ( الأخرى ) التي للشبهة ( وله الرجعة في عدته ) إن كان الطلاق رجعيا وتجديد إن كان بائنا لأنها في عدة طلاقه لا وقت الشبهة نظير ما مر ( فإذا راجع ) فيها أو جدد ( انقطعت ) عدته ( وشرعت ) حينئذ ( في عدة الشبهة ) عقب الرجعة حيث لا حمل منه وإلا فعقب النفاس ، وله التمتع بها قبل شروعها فيها بأن تستأنفها إن سبقها الطلاق وتتمها إن سبقته ( و ) ما دامت في عدتها ( لا يستمتع بها ) الزوج بوطء جزما وبغيره على المذهب لأنها معتدة عن غيره حملا كانت أو غيره ( حتى تقضيها ) بوضع أو غيره لاختلال النكاح بتعلق حق الغير بها ، ويؤخذ منه حرمة نظره إليها ولو بلا شهوة والخلوة بها ( وإن سبقت الشبهة ) الطلاق ( قدمت عدة الطلاق ) لقوتها كما مر ( وقيل ) تقدم عدة ( الشبهة ) لسبقها ، وفي وطء بنكاح فاسد ووطء بشبهة أخرى ، ولا حمل يقدم الأسبق من التفريق بالنسبة للنكاح والوطء بالنسبة للشبهة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : مما يخالف ذلك ) أي هي والثاني ( قوله نعم إن كانا حربيين ) أي صاحب العدتين حربيين كأن زوجت بحربي ثم وطئها آخر بصورة النكاح في عدة الأول .

                                                                                                                            وقضية إطلاقه أنه لا فرق في العدتين بين أن تكون إحداهما حاملا أم لا .

                                                                                                                            وفي بعض الهوامش عن شيخنا الزيادي : فإن حملت من الأول لا من الثاني لم تكفها عدة واحدة فنعتد للثاني بعد الوضع ، بخلاف ما إذا حبلت من الثاني فيكفيها وضع الحمل ا هـ .

                                                                                                                            وقد يستفاد ذلك من قول الشارح لغت بقية عدة الأول إلخ ، فإنه حيث كان حملا وقلنا بعدم الاعتداد بها وجب أن تعتد عدة كاملة للثاني ولا يتأتى إلا بعد وضع الحمل ( قوله : لا وقت وطء الشبهة ) لو اختلف الزوج والزوجة في أن الرجعة قبل وطء الشبهة أو وقته فادعى الزوج الأول لتصح الرجعة والزوجة الثاني لتبطل فهل يصدق الزوج أو الزوجة ؟ فيه نظر ، والأقرب تصديق الزوج لأن الأصل بقاء حقه ( قوله : أي لا في حال بقاء فراش ) أي كأن نكحها فاسدا واستمر معها مدة قبل أن يفرق بينهما ليس المراد خصوص زمن الوطء ، وكالتفريق ما لو علم بالحال وعزم على الترك كما يأتي ( قوله أن نيته ) أي الواطئ الثاني ( قوله : وذلك ) أي قوله لا وقت وطء الشبهة ( قوله : ولا شك أن المؤثر ) أي الوطء ، وقوله أقوى : أي من الأثر وهو الحمل ( قوله : وفي عكس ذلك ) أي بأن يكون الحمل من وطء الشبهة ( قوله : وله الرجعة ) في صورة العكس ( قوله : وبعده ) أي الوضع ( قوله لا تجديد ) أي للرجعة ( قوله : قبل وضع ) أي أما بعده فيجدد ولو في زمن النفاس لانقضاء عدة الشبهة ا هـ حج ( قوله : وفارق ) أي التجديد ( قوله : وهي ) أي الرجعة [ ص: 142 ] قوله جدد النكاح مرتين ) أي حيث أراد التجديد في العدة وإلا فله الصبر إلى انقضاء العدتين ، وهو أولى لانتفاء الشك حال العقد في صحة النكاح ( قوله : قبل اللحوق ) أي فطريقها أن تقترض وتنفق على نفسها أو من مالها أو غيره بإذن الحاكم ( قوله : مدة كونها فراشا ) وهو مدة عدم التفريق بينهما وعدم العزم على عدم الرجوع لها ( قوله : نظير ما مر ) والمراد به ما دام الفراش قائما كما مر ( قوله قبل شروعها ) قال في شرح الروض : وإن لزم زوجته الحامل عدة شبهة أو مطلقته فراجعها والحمل له فله وطؤها ما لم تنقض العدة : أما إذا كان الحمل للواطئ فيحرم على الزوج وطؤها حتى تضع ا هـ .

                                                                                                                            وأما غير الوطء فيستفاد من قول المتن ولا يستمتع بها إلخ ا هـ سم على حج ( قوله : ويؤخذ منه ) أي من حرمة التمتع ، وقوله حرمة نظره هذا يخالف ما مر له قبيل الخطبة من جواز النظر لما عدا ما بين السرة والركبة من المعتدة عن شبهة ، وعبارته : وخرج بالتي تحل زوجته المعتدة عن شبهة ونحو أمة مجوسية فلا يحل له إلا نظر ما عدا ما بين سرتها وركبتها ا هـ .

                                                                                                                            ويمكن الجواب بأن الغرض مما ذكره هنا مجرد بيان أنه يؤخذ من عبارة المصنف ، ولا يلزم من ذلك اعتماده فليراجع وليتأمل على أنه قد يمنع أخذ ذلك من المتن لأن النظر بلا شهوة لا يعد تمتعا وهذا بناء على أن الضمير في منه راجع للمتن ، أما إن جعل راجعا لقول الشارح لاختلال النكاح إلخ لم يبعد الأخذ ( قوله : قدمت عدة الطلاق ) أي ثم بعد انقضائها تبنى على ما مضى من عدة الشبهة ( قوله : ووطء بشبهة أخرى ) منه يعلم أن الوطء في النكاح الفاسد شبهة ( قوله : بالنسبة للنكاح ) يعني أنه إن كان وطء الشبهة سابقا على النكاح قدمت عدته وإن كان التفريق بالنسبة للنكاح الفاسد سابقا على الوطء قدمت عدته ، فالسابق من التفريق والوطء عدته مقدمة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وبعده لا تجديد ) أي إلى انقضاء عدته ( قوله : فاحتمل وقوعها في عدة الغير ) قال في التحفة : وظاهر كلامهم أن له التجديد بعد الوضع في زمن النكاح مع أنه في غير [ ص: 142 ] عدته ، ويوجه بأن المحذور كونها في عدة الغير وقد انتفى ذلك . ا هـ . ( قوله : بأن تستأنفها إلخ . ) هو تصوير للمتن .




                                                                                                                            الخدمات العلمية